(فصل) وإذا وقع رجل في بئر ووقع آخر خلفه من غير جذب ولا دفع، فإن مات الأول وجبت ديته على الثاني لما روى علي بن رباح اللخمي أن بصيرا كان يقود أعمى موقعا في بئر فوقع الأعمى فوق البصير فقتله، فقضى عمر رضي الله عنه بعقل البصير على الأعمى فكان الأعمى ينشد في الموسم يا أيها الناس لقيت منكرا * هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا خرا معا كلاهما تكسرا ولان الأول مات بوقوع الثاني عليه فوجبت ديته عليه، وان مات الثاني هدرت ديته، لأنه لا صنع لغيره في هلاكه، وإن ماتا جميعا وجبت دية الأول على الثاني، وهدرت دية الثاني لما ذكرناه، فإن جذب الأول الثاني ومات الأول هدرت ديته، لأنه مات بفعل نفسه، وإن مات الثاني وجبت ديته على الأول لأنه مات بجذبه، وان وقع الأول ثم وقع الثاني ثم وقع الثالث، فإن كان وقوعهم من غير جذب ولا دفع وجبت دية الأول على الثاني والثالث، لأنه مات بوقوعهما عليه، وتجب دية الثاني على الثالث، لأنه انفرد بالوقوع عليه فانفرد بدينه، وتهدر دية الثالث لأنه مات من وقوعه، فإن جذب بعضهم بعضا بأن وقع الأول وجذب الثاني وجذب الثاني الثالث وماتوا وجب للأول نصف الدية على الثاني، لأنه مات من فعله بجذب الثاني، ومن فعل الثاني بجذب الثالث، فهدر النصف بفعله ووجب النصف، ويجب للثاني نصف الدية على الأول لأنه جذبه ويسقط نصفها لأنه جذب الثالث، ويجب للثالث الدية لأنه لا فعل له في هلاك نفسه، وعلى من تجب؟ فيه وجهان (أحدهما) أنها تجب على الثاني لأنه هو الذي جذبه والوجه الثاني أنها تجب على الأول والثاني نصفين، لان الثاني جذبه والأول جذب الثاني فاضطره إلى جذب الثالث، وكان كل واحد منهما سببا في هلاكه فوجبت الدية عليهما.
(فصل) وان تجارح رجلان وادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه قصد قتله فجرحه دفعا عن نفسه فالقول قول كل واحد منهما، مع يمينه أنه ما قصد