الفعل تعلق الضمان بالفعل دون السبب. وإن طلب صبيا أو مجنونا بالسيف ففر منه وألقى نفسه من سطح فمات فإن قلنا إن عمدهما عمد لم يضمن الطالب الدية وإن قلنا إن عمدهما خطأ ضمن (مسألة) قوله: وإن رماه من شاهق فاستقبله الخ. فجملة ذلك أنه إذا رمى رجلا من شاهق مرتفع يموت منه غالبا إذا وقع فقطعه رجل نصفين قبل أن يقع ففيه وجهان:
(أحدهما) أنهما قاتلان فيجب عليهما القود أو الدية، لان كل واحد منهما قد فعل فعلا لو انفرد به لمات منه غالبا فصارا كالجارحين (والثاني) أن القاتل هو القاطع، لان التلف إنما حصل بفعله فصار كما لو جرحه رجل وذبحه الاخر ويعزر الأول، وإن كان الشاهق مما لا يموت منه غالبا كان القاتل هو القاطع وجها واحدا، لان ما فعله الأول لا يجوز أن يموت منه، وإن زنى بامرأة وهي مكرهة فحملت منه وماتت من الولادة ففيه قولان:
(أحدهما) يجب عليه ديتها، لأنها تلفت بسبب من جهته تعدى فيه فضمنها (والثاني) لا يجب عليه، لان السبب انقطع حمه بنفي النسب عنه قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وإن حفر بئرا في طريق الناس أو وضع فيه حجرا أو طرح فيه ماء أو قشر بطيخ، فهلك به إنسان وجب الضمان عليه لأنه تعدى به فضمن من هلك به، كما لو جنى عليه.
وإن حفرا بئرا في الطريق ووضع آخر حجرا فعثر رجل بالحجر ووقع في البئر فمات وجب الضمان على واضع الحجر، لأنه هو الذي ألقاه في البئر، فصار كما لو ألقاه فيها بيده. وان وضع رجل حجرا في الطريق فدفعه رجل على هذا الحجر فمات وجب الضمان على الدافع لان الدافع مباشر وواضع الحجر صاحب سبب، فوجب الضمان على المباشر وان وضع رجل حجرا في الطريق ووضع آخر حديدة بقربه، فعثر رجل بالحجر ووقع على الحديدة فمات. وجب الضمان على واضع الحجر