ضمنه كما لو بنى حائطا مائلا إلى الطريق فأتلف، أو أقام خشبة في ملكه مائلة، ولأنه إخراج يضمن به البعض فضمن به الكل بناء على أصله (فرع) إذا أخرج ميزابا إلى الشارع جاز لما سقناه في كتاب الضمان من أن عمر رضي الله عنه مر تحت ميزاب العباس رضي الله عنه فقطرت عليه قطرة، فأمر بقلعه فحرج العباس وقال: قلعت ميزابا نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: لا ينصبه إلا من يرقى على ظهري، فانحنى عمر وصعد العباس على ظهره فوضعه، وهو إجماع لا خلاف فيه، فإن سقط على إنسان فقتله أو بهيمة فأتلفها فحكى المصنف وأكثر أصحابنا فيه قولين:
قال في القديم: لا يجب ضمانه، وبه قال مالك، لأنه غير متعد بإخراجه فلم يضمن ما تلف به، كما لو أخرجه إلى ملكه، ولأنه مضطر إليه لا يجد بدا منه فلم يلزمه ضمان ما تلف به.
وقال في الجديد: يجب ضمانه، وبه قال أبو حنيفة، وهو المذهب عند أحمد بلا خلاف بين أصحابه، لأنه ارتفق بهواء طريق المسلمين فإذا تلف به إنسان وجب عليه ضمانه كما قلنا في الجناح، وقول الأول لا يجد بدا منه غير صحيح، لأنه يمكنه أن يحفر في ملكه بئرا يجرى الماء إليها، فإذا قلنا بهذا وسقط جميع الميزاب الذي على ملكه والخارج منه وقتل إنسانا وجب ضمانه، وكم يجب من ديته؟ على المشهور من المذهب يجب نصف الدية. وعلى القول الثاني الذي حكاه القاضي أبو الطيب تقسط الدية على الميزاب فيسقط منها بقدر ما على ملكه من الميزاب ثم يجب بقدر الخارج منه عن ملكه.
وقال أبو حنيفة: إن أصابه بالطرف الذي في الهواء وجبت جميع ديته، وإن أصابه بالطرف الذي على الحائط لم يجب ضمانه. ودليلنا أنه تلف بنقل الجميع دون بعضه، وإن انتصف الميزاب فسقط منه ما كان خارجا عن ملكه وقتل انسانا وجبت جميع ديته على عاقلته، فسيقال في هذه وفى التي قبلها رجل قتل رجلا بخشبة فوجبت بعض دية المقتول، ولو قتله ببعض تلك الخشبة لوجبت جميع دية المقتول.