أن رجلا رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب عقله وسمعه ولسانه ونكاحه، فقضى فيه عمر رضي الله عنه بأربع ديات وهو حي) وإن كان الأرش دون الدية كأرش الموضحة ونحوه ففيه قولان. قال في القديم: يدخل في دية العقل لأنه معنى يزول التكليف بزواله فدخل أرش الطرف في ديته كالنفس.
وقال في الجديد: لا يدخل وهو الصحيح، لأنه لو دخل في ديته ما دون الدية لدخلت فيها الدية كالنفس، ولان العقل في محل والجناية في محل آخر، فلا يدخل أرشها في ديتها، كما لو أوضح رأسه فذهب بصره، وان شهر سيفا على صبي أو بالغ مضعوف أو صاح عليه صيحة عظيمة فزال عقله وجبت عليه الدية. لان ذلك سبب لزوال عقله، وان شهر سيفا على بالغ متيقظ أو صاح عليه فزال عقله لم تجب عليه الدية، لان ذلك ليس بسبب لزوال عقله (فصل) ويجب في الشفتين الدية لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمر وبن حزم (في الشفتين الدية) ولان فيهما جمالا ظاهرا ومنافع كثيرة، لأنهما يقيان الفم من كل ما يؤذيه، ويردان الريق وينفخ بهما، ويتم بهما الكلام ويجب في إحداهما نصف الدية لان كل شيئين وجب فيهما الدية وجب في أحدهما نصف الدية كالعينين والأذنين، وان قطع بعضها وجب فيه من الدية بقدره كما قلنا في الاذن والمارن، وان جنى عليهما فيبستا وجبت عليه الدية، لأنه أتلف منافعهما فوجبت عليه الدية، كما لو جنى على يديه فشلتا، فإن تقلصتا وجبت عليه الحكومة لان منافعهما لم تبطل، وإنما حدث بهما نقص.
(الشرح) ما ذكره المصنف من اشتمال كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو ابن حزم على أن (في العقل الدية) لم أجده في طريق من طرقه، وإنما الذي ثبت أثر عمر رضي الله عنه أنه قضى في رجل ضرب رجلا فذهب سمعه وبصره ونكاحه وعقله بأربع ديات. وما روى من ذلك مرفوعا كرواية البيهقي عن معاذ (في العقل الدية) فسنده ضعيف. قال البيهقي وروينا عن عمر وزيد بن ثابت مثله قال الشوكاني في نيل الأوطار: وقد زعم الرافعي أن ذلك في حديث عمرو ابن حزم وهو غلط. اه