كل من ابتدأ الفعل منه فإنه يضمن ذلك الفعل إذا صار جناية، وإن كان بمعونة غيره كما لو رمى سهما إلى عرض فحمل الريح السهم إلى إنسان وقتله (والثاني) لا ضمان عليهما لأنه لا فعل لهما ابتداء ولا انتهاء، وإنما ذلك من فعل الريح فهو كما لو نزلت صاعقة فأحرقت السفينتين. واختلف أصحابنا في موضع القولين، فمنهم من قال: القولان إذا لم يكن للربان فعل لا ابتداء ولا انتهاء وهو في المراكب التي ينصب الربان الشراع ويمد الحبال ويقيمه نحو الريح حتى إذا هبت الريح دفعه. فأما السفن البخارية فإن اندفاعها ماخرة في عباب البحر بمحركاتها التي تقوم مقام المجداف في الزوارق الصغيرة، وهذه السفن يمكن التحكم في سيرها إلى مسافة تحددها علوم البحار التي تقرر لكل سفينة قوة وحمولة وسرعة يمكن التحكم في سيرها وتوقى الاصطدام بغيرها إلى مسافة معينة، فإذا تعذر فلا ضمان.
أما السفن الصغار التي تسير بالمجداف أو الزوارق البخارية فإنه يجب الضمان قولا واحدا، لان ابتداء الفعل منهما. ومنهم من قال القولان إذا لم يكن منهما فعل بأن كانتا واقفتين أو لم يسير هما رباناهما فجاءت الريح فقلعتهما فأما إذا سيرا فقلعتهما فيجب الضمان قولا واحدا، ولم نفرق بين السفن التي تسير بنصف الشراع أو التي تسير بالبخار أو الصغار التي تسير بالمجداف.
ومنهم من قال القولان في الجميع سواء كانتا واقفتين أو سيراهما، وسواء كانتا تسيران بالشراع أو البخار أو المجداف، لان الفارس يمكنه ضبط الفرس باللجام، والسفينتان لا يمكنه أن يسيرها سيرا لا يغلبه الريح عليها (با؟) ان العوامل الجوية وهياج البحر له تأثير على ضبط القيادة وتفادي المخاطر فإذا قلنا يجب عليهما الضمان، فإن كانت السفينتان وما فيهما لهما فلا يجب عليهما الضمان. وكذلك إذا كانت السفينتان معهما وديعة، والمال الذي فيهما حملاه بأجرة فلا ضمان عليهما في السفينة. وأما المال فإن كان رب المال معه لم يضمنه الأجير، لان يد صاحبه عليه، وان لم يكن رب المال معه فعلى قولين لان أجيره مشترك وكذلك إذا استأجر على القيام بالسفينتين وما فيهما فهما أجيران مشتركان. فإن كان رب السفينة والمال معه فلا مضان. وان لم يكن معه