(قلت) المقصود أن البهائم كما أنها تولد سليمة من الجدع كاملة الخلقة وإنما يحدث لها نقصان الخلقة بعد الولادة بالجدع ونحوه، كذلك أولاد الكفار يولدون على الدين الحق الدين الكامل، وما يعرض لهم من التلبس فإنما هو حادث بعد الولادة بسبب الأبوين أو من يقوم مقامهما، وحديث أبي هريرة فيه دليل على أن أولاد الكفار حكم لهم عند الولادة بالاسلام، وانه إذا وجد الصبي في دار الاسلام دون أبويه كان مسلما لأنه إنما صار يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا بسبب أبويه فإذا عدما فهو باق على ما ولد عليه وهو الاسلام، كما سبق الإفاضة في شرح هذا فيما سبق قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن وصف الاسلام صبي عاقل من أولاد الكفار، لم يصح إسلامه على ظاهر المذهب، لما روى علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم) ولأنه غير مكاف فلم يصح إسلامه بنفسه كالمجنون، فعلى هذا يحال بينه وبين أهله من الكفار إلى أن يبلغ لأنه إذا ترك معهم خدعوه وزهدوه في الاسلام فإن بلغ ووصف الاسلام حكم بإسلامه، وإن وصف الكفر هدد وضرب وطولب بالاسلام، وإن أقام على الكفر رد إلى أهله من الكفار.
ومن أصحابنا من قال يصح اسلامه، لأنه يصح صومه وصلاته، فصح اسلامه كالبالغ.
(فصل) وان سبيت امرأة ومعها ولد صغير لم يجز التفريق بينهما، وقد بيناه في البيع، وان سبى رجل ومعه ولد صغير ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يجوز التفريق بينهما لأنه أحد الأبوين فلم يفرق بينه وبين الولد الصغير كالأم (والثاني) أنه يجوز أن يفرق بينهما، لان الأب لابد أن يفارقه في الحضانة، لأنه لا يتولى حضانته بنفسه وإنما يتولاها غيره فلم يحرم التفريق بينهما، بخلاف