الذي أصيب فيه عمار إذا رجل قد برز من الصفين جسيم على فرس جسيم، ضخم على ضخم ينادى: يا عباد الله بصوت موجع روحوا إلى الجنة، ثلاث مرات، الجنة تحت ظلال الأسل، فثار الناس فإذا هو عمار، فلم يلبث أن قتل.
وروى ابن عبد البر في الاستيعاب عن الأعمش عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: شهدنا مع علي رضي الله عنه صفين، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يتبعونه كأنه علم لهم، وسمعت عمارا يقول يومئذ لهاشم بن عقبة: يا هاشم تقدم، الجنة تحت الأبارقة اليوم ألقى الأحبة، محمدا وحزبه الخ وروى الشعبي عن الأحنف بن قيس في خبر صفين، قال ثم حمل عمار فحمل عليه ابن السكسكي وأبو الغادية الفزاري، فأما أبو الغادية فطعنه، وأما ابن جزء فاحتز رأسه. فإذا عرفنا أن المحفة مركب من مراكب النساء كالهودج استبعدنا صحة من أثبته المصنف هنا لما ذكرناه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يعقل فقير لان حمل الدية على العاقلة مواساة والفقير ليس من أهل المواساة، ولهذا لا تجب عليه الزكاة، ولا نفقة الأقارب، ولان العاقلة تتحمل لدفع الضرر عن القاتل، والضرر لا يزال بالضرر، ويجب على المتوسط ربع دينار، لان المواساة لا تحصل بأقل قليل، ولا يمكن إيجاب الكثير، لان فيه اضرارا بالعاقلة، فقدر أقل ما يؤخذ بربع دينار، لأنه ليس في حد التافه.
والدليل عليه أنه تقطع فيه يد السارق، وقد قالت عائشة رضي الله عنها (يد السارق لم تكن تقطع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه) ويجب على الغنى نصف دينار أنه لا يجوز أن يكون ما يؤخذ من الغنى والمتوسط واحدا فقدر بنصف دينار، لأنه أقل قدر يؤخذ من الغنى في الزكاة التي قصد بها المواساة، فيقدر ما يؤخذ من الغنى في الدية بذلك، لأنه في معناه، ويجب هذا القدر في كل سنة لأنه حق يتعلق بالحال على سبيل المواساة فتكرر بتكرر الحول