وقوله: الشيخ الامام حرس الله مدته، يحتمل أنه يعنى بهذا إمام الحرمين أبا المعالي المولود ثامن المحرم سنة 419 والمتوفى ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من ربيع الاخر سنة 478 فإذا عرفنا أن المصنف رحمه الله توفى سنة 476 عرفنا أن الله استجاب دعاءه إلا أنه يرد على هذا أن إمام الحرمين أصغر من المصنف بنحو ست وعشرين سنة فيبعد أن ينقل عنه بهذا الاحتفاء، ولعله لم ترد في المهذب هذه العبارة إلا في هذا الموضع إذ لم ينتبه إليها الامام النووي رحمه الله وإلا أوضحها في خطبته العظيمة في مقدمة المجموع، ويحتمل أن يكون مراده بالامام حرس الله مدته شيخه القاضي أبا الطيب، وهذا هو الراجح عندي، وقد ولد القاضي أبو الطيب بآمل سنة 348، ووفى ببغداد يوم السبت لعشر بقين من ربيع الأول سنة 450 عن مائه سنة واثنتين.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يعقل مسلم عن كافر، ولا كافر عن مسلم، ولا ذمي عن حربي، ولا حربي عن ذمي، لأنه لا يرث بعضهم من بعض، فإن رمى نصراني سهما إلى صيد ثم أسلم ثم أصاب السهم إنسانا وقتله وجبت الدية في ماله، لأنه لا يمكن إيجابها على عاقلته من النصارى، لأنه وجد القتل وهو مسلم، ولا يمكن إيجابها على عاقلته من المسلمين، لأنه رمى وهو نصراني، فإن قطع نصراني يد رجل ثم أسلم ومات المقطوع عقلت عنه عصباته من النصارى دون المسلمين، لان الجناية وجدت منه وهو نصراني، ولهذا يجب بها القصاص ولا تسقط عنه بالاسلام، وإن رمى مسلم سهما إلى صيد ثم ارتد ثم أصاب السهم إنسانا فقتله وجبت الدية في ذمته، لأنه لا يمكن إيجابها على عاقلته من المسلمين، لأنه وجد القتل وهو مرتد، ولا يمكن إيجابها على الكفار لأنه ليس منهم عاقلة يرثونه، فوجبت في ذمته.
وإن جرح مسلم إنسانا ثم ارتد الجارح وبقى في الردة زمانا يسرى في مثله الجرح ثم أسلم ومات المجروح وجبت الدية، وعلى من تجب؟ فيه قولان