قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن جنى على عضو ثم اختلفا في سلامته فادعى الجاني أنه جنى عليه وهو أشل، وادعى المجني عليه أنه جنى عليه وهو سليم،، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال فيه قولان (أحدهما) أن القول قول الجاني، لان ما يدعيه كل واحد منهما محتمل، والأصل براءة ذمته (والثاني) أن القول قول المجني عليه لان الأصل سلامة العضو، ومنهم من قال القول في الأعضاء الظاهرة قول الجاني، وفى الأعضاء الباطنة القول قول المجني عليه، لأنه لا يتعذر عليه إقامة البينة على السلامة في الأعضاء الظاهرة، فكان القول قول الجاني، ويتعذر عليه إقامة البينة في الأعضاء الباطنة، والأصل السلامة فكان القول قول المجني عليه ولهذا لو علق طلاق امرأته على ولادتها، فقالت ولدت لم يقبل قولها، لأنه يمكن إقامة البينة على الولادة.
ولو علق طلاقها على حيضها فقالت حضت قبل قولها لأنه يتعذر إقامة البينة على حيضها، فإن اتفقا على سلامة العضو الظاهر وادعى الجاني أنه طرأ عليه الشلل وأنكر المجني عليه ففيه قولان (أحدهما) أن القول قول الجاني، لأنه لا يتعذر إقامة البينة على سلامته.
(والثاني) أن القول قول المجني عليه، لأنه قد ثبتت سلامته فلا يزال عنه حتى يثبت الشلل.
(فصل) إذا أوضح رأس رجل موضحتين بينهما حاجز ثم زال الحاجز، فقال الجاني تأكل ما بينهما بسراية فعلى فلا يلزمني إلا أرش موضحة، وقال المجني عليه أنا خرقت ما بينهما فعليك أرش موضحتين، فالقول قول المجني عليه، لان ما يدعيه كل واحد منهما محتمل، والأصل بقاء الموضحتين ووجوب الأرشين، وإن أوضح رأسه فقال الجاني أو ضحته موضحة واحدة، وقال المجني عليه أوضحتني موضحتين وأنا خرقت ما بينهما، فالقول قو الجاني لان ما يدعيه كل واحد منهما محتمل، والأصل براءة الذمة.