الضمان يفتقر إلى مضمون عنه وليس ههنا مضمون عنه وإنما هو استدعاء إتلاف بعوض لغرض صحيح، فإن قال ألق متاعك وعلى وعلى ركاب السفينة ألف فألقاه لزمه بحصته، فإن كلو عشرة لزمه مائة، وإن كانوا خمسة لزمه مائتان لأنه جعل الألف على الجميع فلم يلزمه فلم يلزمه أكثر من الحصة، فان قال أنا ألقيه على أنى وهم ضمناه فألقاه ففيه وجهان (أحدهما) أنه يجب عليه الحصة لما ذكرناه (والثاني) يجب عليه ضمان الجميع لأنه باشر الاتلاف (الشرح) إذا اصطدمت سفينتان فانكسرتا وتلف ما فيهما فلا يخلو الربانان وهما القيمان اما ان يكونا مفرطين في الاصطدام أو غير مفرطين، أو أحدهما مفرطا والآخر غير مفرط، فإن كانا مفرطين بأن أمكنهما ضبط هما أو الانحراف فلم يفعلا فقد صارا جانيين، فإن كانت السفينتان وما فيهما لهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينته ونصف قيمة ما فيها ونصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها، لان كل واحد منهما تلف بفعلها، وسواء كانت السفينتان وديعة أو عارية أو بأجرة، وسواء كان المال فيهما وديعة أو قراضا أو يحمل بأجرة لان الجميع يضمن بالتفريط، وإن كان فيهما أحرار وماتوا وقصدوا الاصطدام. وقال أهل الخبرة: إن مثل ما قصد إليه وفعلاه يقتل غالبا، فإنها جناية عمد محض، فقد وجب عليهما القود لجماعة في حالة واحدة، فيقرع بين أولياء المقتولين، فإذا خرجت عليهما القرعة بواحد قتلا بواحد ووجب للباقين الدية في أموالهما.
وإن قالوا لا يقتل مثله غالبا أو لم يقصد الاصطدام وإنما فرطا وجب على عاقلة كل واحد منهما نصف ديات ركاب السفينتين.
وإذا لم يفرط الربانان أو القيمان مثل أن اشتدت الريح واضطرمت الأمواج فلم يمكنهما إمساكهما بطرح الانجد، ولا بأن يعدل أحدهما عن سمت الأخرى.
حتى اصطدمتا وهلكتا ففيه قولان:
(أحدهما) أن عليهما الضمان لأنهما في أيديهما، فما تولد من ذلك كان عليهما ضمانه، وان لم يفرطا كالفارسين إذا تصادما وغلب عليهما الفرسان، ولان