كما قدمنا، وبه قال مالك ومسروق وابن المنذر، وروى عن الشعبي أن في الترقوة أربعين دينارا، وقال عمرو بن شعيب: في الترقوتين الدية، وفى إحداهما نصفها لأنهما عضوان فيهما جمال ومنفعة، وليس في البدن غيرهما من جنسهما فكملك فيهما الدية كالدين.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن لطم رجلا أو لكمه أو ضربه بمثل فإن لم يحصل به أثر لم يلزمه أرش، لأنه لم يحصل به نقص في جمال ولا منفعة فلم يلزمه أرش. وإن حصل به شين بأن اسود أو اخضر وجبت فيه الحكومة لما حصل به من الشين، فإن قضى فيه بالحكومة ثم زال الشين سقطت الحكومة، كما لو جنبي على عين فابيضت ثم زال البياض. وإن فزع إنسان فأحدث في الثياب لم يلزمه ضمان مال لان المال إنما يجب في الجناية إذا أحدثت نقضا في جمال أو منفعة، ولم يوجد شئ من ذلك.
(فصل) إذا جنى على حر جناية ليس فيها أرش مقدر نظرت، فإن كان حصل بها نقص في منفعة أو جمال، وجبت فيها حكومة، وهو أن يقوم المجني عليه قبل الجناية، ثم يقوم بعد اندمال الجناية، فان نقص العشر من قيمته وجب العشر من ديته، وإن نقص الخمس من قيمته وجب الخمس من ديته، لأنه ليس في أرشه نص فوجب التقدير بالاجتهاد، ولا طريق إلى معرفة قدر النقصان من جهة الاجتهاد إلا بالتقويم.
وهذا كما قلنا في المحرم إذا قتل صيدا وليس في جزائه نص أنه يرجع إلى ذوي عدل في معرفة مثله، إن كان له مثل من النعم، أو إلى قيمته إذا لم يكن له مثل، ويجب القدر الذي نقص من قيمته من الدية، لان النفس مضمونة بالدية فوجب القدر الناقص منها، كما يقوم المبيع عند الرجوع بأرش العيب، ثم يؤخذ القدر الناقص من الثمن حيث كان المبيع مضمونا بالثمن.
وقال أصحابنا: يعتبر نقص الجناية من دية العضو المجني عليه، لامن دية النفس، فإن كان الذي نقص هو العشر والجناية على اليد وجب عشر دية اليد