خلالكم يبغونكم الفتنة) قيل في التفسير لأوقعوا بينكم الاختلاف، وقيل لا شرعوا في تفريق جمعكم، ولان في حضورهم إضرار بالمسلمين ولا نستعين بالكفار من غير حاجة، لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين، فقال له تؤمن بالله ورسوله قال: لا، قال فارجع فلن أستعين بمشرك، فان احتاج أن يستعين بهم فإن لم يكن من يستعين به حسن الرأي في المسلمين لم نستعن به، لان ما يخاف من الضرر بحضورهم أكثر مما يرجى من النفعة، وإن كان حسن الرأي في المسلمين جاز أن نستعين بهم، لان صفوان بن أمية شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شركه حرب هوازن، وسمع رجلا يقول غلبت هوازن، وقتل محمد فقال بفيك الحجر لرب من قريش أحب إلى من رب من هوازن، وإن احتاج إلى أن يستأجرهم جاز، لأنه لا يقع الجهاد له وفى القدر الذي يستأجر به وجهان.
(أحدهما) لا يجوز له أن تبلغ الأجرة سهم راجل لأنه ليس من أهل فرض الجهاد فلا يبلغ حقه سهم راجل كالصبي والمرأة.
(والثاني) وهو المذهب أنه يجوز، لأنه عوض في الإجارة فجاز أن يبلغ قدر سهم الراجل كالأجرة في سائر الإجارات، ويجوز أن يأذن للنساء لما روت الربيع بنت معوذ قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخدم القوم ونسقيهم الماء ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة، ويجوز أن يأذن لمن اشتد من الصبيان لان فيهم معاونة، ولا يأذن لمجنون لأنه يعرضه للهلاك من غير منفعة، وينبغي أن يتعاهد الخيل فلا يدخل حطبا وهو الكسير ولا فحما وهو الكبير ولا ضرعا هو الصغير ولا أعجف وهو الهزيل لأنه ربما كان سببا للهزيمة ولأنه يزاحم به الغانمين في سهمهم ويأخذ البيعة على الجيش أن لا يفروا لما روى جابر رضي الله عنه قال: كنا يوم الحديبية ألف رجل وأربعمائة فبايعناه تحت الشجرة على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت يعنى النبي صلى الله عليه وسلم ويوجه الطلائع ومن يتجسس أخبار الكفار، لما روى جابر رضي الله عنه قال