بينهما هو عوض أرش البكارة فلم يضمنه مرتين (والثانية) يضمنه لأنه محل أتلفه بعدوانه فلزمه أرشه، كما لو أتلفه بأصبعه قال المنصف رحمه الله تعالى:
(فصل) وأما الأعضاء فيجب الأرش في إتلاف كل عضو فيه منفعة أو جمال، فيجب في إتلاف العينين الدية، وفى أحدهما نصفها، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتاب كتبه لعمرو بن حزم: هذا كتاب الجروح، في النفس مائة من الإبل وفى العين خمسون من الإبل، فأوجب في كل عين خمسين من الإبل، فدل على أنه يجب في العينين مائة، ولأنها من أعظم الجوارح جمالا ومنفعة ويجب في عين الأعور نصف الدية للخبر، ولان ما ضمن بنصف الدية مع بقاء نظيره صمن به مع فقد نظيره كاليد.
وان جنبي على عينيه أو رأسه أو غيرهما فذهب ضوء العينين وجبت الدية لأنه أتلف المنفعة المقصودة بالعضو فوجبت ديته، كما لو جنى على يده فشلت، وإن ذهب الضوء من إحداهما وجب نصف الدية، لان ما أوجب الدية في إتلافهما أوجب نصف الدية في إتلاف إحداهما كاليدين. وان أزال الضوء فأخذت منه الدية ثم عاد وجب رد الدية، لأنه لما عاد علمنا أنه لم يذهب، لان الضوء إذا ذهب لم يعد.
وإن زال الضوء فشهد عدلان من أهل الخبرة أنه يرجى عوده، فإن لم يقدر لعوده مدة معلومة لم ينتظر لان الانتظار إلى غير مدة معلومة يؤدى إلى إسقاط موجب الجناية. وان قدر مدة معلومة انتظر وان عاد الضوء لم يجب شئ وان لم يعد أخذ الجاني بموجب الجناية من القصاص أو الدية وان مات قبل انقضاء المدة لم يجب القصاص لأنه موضع شبهة لأنه يجوز أن لا يكون بطل الضوء، ولعله أو عاش لعاد والقصاص يسقط بالشبهة، وأما الدية فقد قال فيمن قلع سنا وقال أهل الخبرة: يرجى عوده إلى مدة فمات قبل انقضائها إن في الدية قولين:
أحدهما تجب لأنه أتلف ولم يعد. والثاني لا تجب لأنه لم يتحقق الاتلاف ولعله