ولا يقبل من مشركي العرب إلا الاسلام أو السيف. وعن مالك تقبل من جميع الكفار إلا من ارتدوا به. قال الأوزاعي وفقهاء الشام وحكى ابن القاسم عن مالك أنها لا تقبل من قريش، وحكى ابن عبد البر الاتفاق على قبولها من المجوس، لكن حكى ابن التين عن عبد الملك أنها لا تقبل إلا من اليهود والنصارى فقط.
وقال الشافعي تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلتحق بهم المجوس في ذلك مستدلا بما رواه أحمد والبخاري وغيرهما عن عمر أنه لم يأخذ الجزية من المجوس حتى حدثني بها عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
قال أبو عبيد في كتاب الأموال: ثبتت الجزية على اليهود والنصارى بالكتاب وعلى المجوس بالسنة.
أما ما أورده من نصيحته للأمراء بأن يبينوا للأعداء أن القتال ما فرض في الاسلام إلا لانتشال الناس من عبادة بعضهم لبعض إلى عبادة الله الواحد القهار والاستنصار بالضعفاء والدعاء عند الالتحام وتحريض الجيوش على القتال وتذكيرهم بحق الله والتكبير عند الهجوم وعدم رفع الصوت، فهي من المبادئ الأساسية التي ما زال معمولا بها في الحروب وليت المسلمون اليوم يكبرون بدل أن يقولوا ألفاظا غير مفهومة منقولة عن من لا دين لهم حتى يكون الله معهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإذا التقى الزحفان ولم يزد عدد الكفار على مثلي عدد المسلمين ولم يخافوا الهلاك تعين عليهم فرض الجهاد لقوله عز وجل (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وان يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) وهذا أمر بلفظ الخبر، لأنه لو كان خبرا لم يقع الخبر بخلاف المخبر فدل على أنه أمر المائة بمصابرة المائتين، وأمر الانف بمصابرة الألفين، ولا يجوز لمن تعين عليه أن يولى إلا منحرفا لقتال، وهو أن ينتقل من مكان إلى مكان أمكن للقتال أو متحيزا إلى فئة، وهو أن ينضم إلى قوم ليعود معهم إلى القتال،