أن يعقد لأفضلهما وأصلحهما، فإن عقدت الإمامة للمفضول صح كما يصح في إمامة الصلاة أن يؤم من يصلح للإمامة، وإن كان هناك من هو أولى منه بها.
فإذا انعقدت الإمامة لرجل كان العقد لازما فإن أراد أن يخلع نفسه لم يكن له ذلك.
فان قيل فكيف خلع الحسن بن علي نفسه؟ قلنا لعله علم من نفسه ضعفا عن تحملها أو علم أنه لا ناصر له ولا معين فخلع نفسه تقية، وإن أراد أهل الحل والعقد خلع الامام لم يكن لهم ذلك إلا أن يتغير، فان فسق الامام فهل ينخلع؟
فيه ثلاثة أوجه حكاها الجويني (أحدها) ينخلع بنفس الفسق وهو الأصح، كما لو مات (والثاني) لا ينخلع حتى يحكم بخلعه، كما إذا فك عنه الحجر ثم صار مبذرا فإنه لا يصح أن يصير محجورا عليه إلا بالحكم (والثالث) إن أمكن استتابته وتقويم اعوجاجه لم يخلع، وإن لم يمكن ذلك خلع إذا ثبت هذا فلا يجوز خلع الامام بغير معنى موجب لخلعه ولا الخروج عن طاعته لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وروى الشيخان عن عبادة بن الصامت قال ((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الامر أهله الا أن تروا كفرا بواخا عندكم فيه من الله برهان) وقد روى أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يا أبا ذر كيف بك عند ولاة يستأثرون عليك بهذا الفئ؟ قال: والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي وأضرب حتى ألحقك، قال لا، ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ تصبر حتى تلحقني) وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس. قال قلت كيف أصنع يا رسول الله ان أدركت ذلك؟
قال: تسمع وتطيع، وان ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع) رواه أحمد ومسلم.