لان ما وجبت الدية فيه وجبت في بعضه بقسطه كالأصابع، وإن ضرب أذنه فاستحشفت ففيه قولان:
(أحدهما) تجب عليه الدية كما لو ضرب يده فشلت (والثاني) تجب عليه الحكومة، لان منفعة الاذن جمع الصوت، وذلك لا يزول بالاستحشاف، بخلاف اليد فإن منفعتها بالبطش وذلك يزول بالشلل، وإن قطع أذنا مستحشفة فإن قلنا إنه إذا ضربها فاستحشفت وجبت عليه الدية، وجب في المستحشفة الحكومة، كما لو قطع يدا شلاء، وان قلنا إنه تجب عليه الحكومة وجب في المستحشفة الدية، كما لو قطع يدا مجروحة، فإن قطع أذن الأصم وجبت عليه الدية، لأن عدم السمع نقص في غير الاذان، فلا يؤثر في دية الاذان.
(فصل) ويجب في السمع الدية، لما روى أبو المهلب عن أبي قلابة (أن رجلا رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب سمعه وعقله ولسانه ونكاحه، فقضى فيه عمر رضي الله عنه بأربع ديات والرجل حي) ولأنها حاسة تختص بمنفعة فأشبهت حاسة البصر. وإن أذهب السمع في أحد الاذنين وجب نصف الدية، لان كل شيئين وجبت الدية فيهما وجب نصفها في أحدهما كالأذنين وان قطع الاذنين وذهب السمع وجب عليه ديتان لان السمع في غير الاذن فلا تدخل دية أحدهما في الاخر وان جنى عليه فزال السمع وأخذت منه الدية ثم عاد وجب رد الدية، لأنه لم يذهب السمع، لأنه لو ذهب لما عاد.
وإن ذهب السمع فشهد شاهدان من أهل الخبرة أنه يرجى عوده إلى مدة، فالحكم فيه كالحكم في العين إذا ذهب ضوءها، فشهد شاهدان أنه يرجى عوده، وقد بيناه.
وإن نقص السمع وجب أرش ما نقص، فإن عرف القدر الذي نقص بأن كان يسمع الصوت من مسافة فصار لا يسمع إلا من بعضها وجب فيه من الدية بقسطه، وان لم يعرف القدر بأن ثقلت أذنه وساء سمعه وجبت الحكومة. وان نقص السمع في أحد الاذنين سدت العليلة وأطلقت الصحيحة، ويؤمر رجل حتى يصيح من موضع يسمعه ثم لا يزال يبعد ويصيح إلى أن يقول لا أسمع،