إلا بالردة والمقام عليها باختياره، والمجنون والمبرسم لا يعلم إقامته على الردة باختياره فلم يقتل.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإذا تاب المرتد قبلت توبته سواء كانت ردته إلى كفر ظاهر به أهله أو إلى كفر يستتر به أهله كالتعطيل والزندقة، لما روى أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واستقبلوا قبلتنا وصلوا صلاتنا، وأكلوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها ولهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، ولان النبي صلى الله عليه وسلم كف عن المنافقين لما أظهروا من الاسلام مع ما كانوا يبطنون من خلافه، فوجب أن يكف عن المعطل والزنديق لما يظهرونه من الاسلام، فإن كان المرتد ممن لا تأويل له في كفره فأتى بالشهادتين حكم بإسلامه لحديث أنس رضي الله عنه فإن صلى في دار الحرب حكم بإسلامه، وان صلى في دار الاسلام لم يحكم بإسلامه، لأنه يحتمل أن تكون صلاته في دار الاسلام للمرأة والتقية، وفى دار الحرب لا يحتمل ذلك، فدل على إسلامه وإن كان ممن يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى العرب وحدها أو ممن يقول إن محمدا نبي يبعث وهو غير الذي بعث، لم يصح إسلامه حتى يتبرأ مع الشهادتين من كل دين خالف الاسلام، لأنه إذا اقتصر على الشهادتين احتمل أن يكون أراد ما يعتقده، وان ارتد بجحود فرض أو استباحة محرم لم يصح اسلامه حتى يرجع عما اعتقده ويعيد الشهادتين لأنه كذب الله وكذب رسوله بما اعتقده في خبره فلا يصح اسلامه حتى يأتي بالشهادتين، وان ارتد ثم أسلم ثم ارتد ثم أسلم، وتكرر منه ذلك قبل اسلامه ويعزر على تهاونه بالدين.
وقال أبو إسحاق لا يقبل اسلامه إذا تكررت ردته، وهذا خطأ لقوله عز وجل (قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) ولأنه أتى بالشهادتين بعد الردة فحكم بإسلامه كما لو ارتد مردة ثم أسلم.