قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب الديات (باب من تجب الدية بقتله، وما تجب به الدية من الجنايات) تجب الدية بقتل المسلم لقوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وتجب بقتل الذمي والمستأمن، ومن بيننا وبينهم هدنة، لقوله تعالى (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله، وتحرير رقبة مؤمنة، وتجب بقتل من لم تبلغه الدعوة لأنه محقون الدم مع كونه من أهل القتال، فكان مضمونا بالقتل كالذمي.
(فصل) وإن قطع طرف مسلم ثم ارتد ومات على الردة وقلنا إنه لا يجب القصاص في طرفه، أو قلنا يجب فعفى عن القصاص على مال، ففيه قولان (أحدهما) لا تجب دية الطرف، لأنه تابع للنفس في الدية، فإذا لم تجب دية النفس لم تجب دية الطرف (والثاني) أنه تجب وهو الصحيح، لان الجناية أوجبت دية الطرف، والردة قطعت سراية الجرح فلا تسقط ما تقدم وجوبه، كما لو قطع يد رجل ثم قتل الرجل نفسه، فإن جرح مسلما ثم ارتد ثم أسلم ومات فإن أقام في الردة زمانا تسرى فيه الجناية ففيه قولان.
(أحدهما) تجب دية كاملة لأن الاعتبار في الدية بحال استقرار الجناية.
والدليل عليه أنه لو قطع يديه ورجليه واندملت وجبت له ديتان، ولو سرت إلى النفس وجبت دية، وهذا مسلم في حال استقرار الجناية، فوجب فيه دية مسلم (والثاني) يجب نصف الدية، لان الجناية في حال الاسلام توجب، والسراية في حال الردة تسقط، فوجب النصف، كما لو جرحه رجل وجرح نفسه فمات.
وإن لم يقم في الردة زمانا تسرى فيه الجناية وجبت دية مسلم، لأنه مسلم في حال الجناية ، وفى حال استقرار الجناية، ولا تأثير لما مضى في حال الردة، فلم يكن له حكم.
(فصل) وإن قطع يد مرتد ثم أسلم ومات لم يضمن. ومن أصحابنا من قال