قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب صول الفحل من قصده رجل في نفسه أو ماله أو أهله بغير حتى فله أن يدفعه لما روى سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قاتل دون أهله أ ماله فقتل فهو شهيد) وهل يجب عليه الدفع؟ ينظر فيه فإن كان في المال لم يجب لان المال يجوز إباحته، وإن كان في أهله، وجب عليه الدفع لأنه لا يجوز إباحته، وإن كان في النفس ففيه وجهان (أحدهما) أنه يجب عليه الدفع لقوله عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) والثاني: أنه لا يجب، لان عثمان رضي الله عنه لم يدفع عن نفسه، ولأنه ينال به الشهادة إذا قتل فجاز له ترك الدفع لذلك (فصل) وإذا أمكنه الدفع بالصباح والاستغاثة لم يدفع باليد، وإن كان في موضع لا يلحقه الغوث دفعه باليد فإن لم يندفع باليد دفعه بالعصا، فإن لم يندفع بالعصا دفعه بالسلاح، فإن لم يندفع إلا بإتلاف عضو دفعه بإتلاف العضو فإن لم يندفع إلا بالقتل دفعه بالقتل. وإن عض يده ولم يمكنه تخليصها إلا بفك لحيبه، وإن لم يندفع إلا بأن يبعج جوفه بعج جوفه، ولا يجب عليه في شئ من ذلك ضمان، لما روى عمران بن الحصين قال، قاتل يعلي بن أمية رجلا فعض أحدهما يد صاحبه فانتزع يده من فيه فنزع ثنيته فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يعض أحدكم أخاه كما بعض الفحل، لا دية له) ولان فعله ألجأه إلى الاتلاف فلم يضمنه، كما لو رمى حجرا فرجع الحجر عليه فأتلفه وإن قدر على دفعه بالعصا فقطع عضوا أو قدر على دفعه بالقطع فقتله وجب عليه الضمان لأنه جناية بغير حق فأشبه إذا جنى عليه من غير دفع، وإن قصده ثم انصرف عنه لم يتعرض له، وإن ضربه فعطله لم يجز أن يضربه ضربة أخرى لان القصد كف أذاه، فإن قصد فقطع يده فولى عنه فقطع يده الأخرى وهو مول لم يضمن الأولى لأنه قطع بحق ويضمن الثانية لأنه قطع بغير حق، وإن