الحكم بينهما قولا واحدا لأنه يلزمه دفع كل واحد منهما عن ظلم الاخر فلزمه الحكم بينهما، ولا يحكم بينهما إلا بحكم الاسلام لقوله تعالى (وأن الحكم بينهم بما أنزل الله) ولقوله تعالى (وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط) وإن تحاكم إليه رجل وامرأة في نكاح، فإن كانا على نكاح لو أسلما عليه لم يجز إقرارهما عليه كنكاح ذوات المحارم حكم بإبطاله، وإن كانا على نكاح لو أسلمنا عليه جاز إقرارهما عليه حكم بصحته، لان أنكحة الكفار محكوم بصحتها، والدليل عليه قوله تعالى (وقالت امرأة فرعون) فأضاف إلى فرعون زوجته.
وقوله تعالى (وامرأته حمالة الحطب) فأضاف إلى أبى لهب زوجته. ولأنه أسلم خلق كثير على أنكحة في الكفر فأقروا على أنكحتهم، فإن طلقها أو آلى منها وظاهر منها حكم في الميع بحكم الاسلام (فصل) وإن تزوجها على مهر فاسد وسلم إليها بحكم حاكمهم ثم ترافعا إلينا ففيه قولان (أحدهما) يقرون عليه لأنه مهر مقبوض فأقرا عليه، كما لو أقبضها من غير حكم (والثاني) أنه يجب لها مهر المثل لأنها قبضت عن إكراه بغير حق فصار كما لو لم تقبض.
(فصل) ومن أتى من أهل الذمة محرما يوجب عقوبة نظرت فإن كان ذلك محرما في دينه كالقتل والزنا والسرقة والقذف وجب عليه ما يجب على المسلم، والدليل عليه ما روى أنس رضي الله عنه أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين.
وروى ابن عمر النبي صلى الله عليه وسلم اتى بيهوديين قد فجرا بعد إحصانهما فأمر بهما فرجما، ولأنه محرم في دينه وقد التزم حكم الاسلام بعقد الذمة فوجب عليه ما يجب على المسلم، وإن كان يعتقد إباحته كشرب الخمر لم يجب عليه الحد لأنه لا يعتقد تحريمه فلم يجب عليه عقوبة كالكفر، فإن تظاهر به عزر لأنه إظهار منكر في دار الاسلام فعزر عليه.
(الشرح) حديث أنس أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا؟ فلان أو فلان؟ حتى سمى اليهودي فأومأت برأسها، فجئ به