وقال المجني عليه بل أوضحته موضحتين، وأنا خرقت ما بينهما فالقول قول الجاني مع يمينه، لان الأصل براءة ذمته مما زاد على أرش موضحة.
وإن قطع أصبعه ثم زال كفه فقال المجني عليه سرى القطع إليه، وقال الجاني لم يسر إليه القطع، وإنما زال سبب آخر، فالقول قول الجاني مع يمينه، لان الأصل عدم السراية. فأما إذا داوى المجني عليه موضع القطع، فقال الجاني تأكلت بالدواء، وقال المجني عليه تأكلت بالقطع سئل أهل الخبرة بذلك الدواء فإن قالوا إنه يأكل اللحم الميت والحي، فالقول قول الجاني مع يمينه لأن الظاهر أنه تأكل، وإن قالوا إنه يأكل الميت دون الحي فالقول قول المجني عليه مع يمينه فإن لم يعرف ذلك فالقول قول المجني عليه مع يمينه، لأنه أعلم بصفة الدواء، ولأن الظاهر أنه لا يداوي الجرح بما يضره ويزيد فيه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان قطع رجل يدي رجل ورجليه ومات واختلف الجاني والولي فقال الجاني مات من سراية الجنايتين فعلى دية واحدة. وقال الولي بل اندملت الجنايتان ثم مات فعليك ديتان، فإن كان قد مضى زمان يمكن فيه اندمال الجراحتين، فالقول قول الولي، لان الأصل وجوب الديتين، وان لم يمض زمان يمكن فيه الاندمال، فالقول قول الجاني لان ما يدعيه الولي غير محتمل، وان اختلفا في المدة فقال الولي مضت مدة يمكن فيها الاندمال، وقال الجاني لم يمض فالقول قول الجاني لان الأصل عدم المدة (فصل) وان قطع يد رجل ومات فقال الولي مات من سراية قطعك فعليك الدية، وقال الجاني اندملت جنايتي ومات بسبب آخر فعلى نصف الدية نظرت فإن لم تمض مدة يمكن فيها الاندمال، فالقول قول الولي، لأن الظاهر أنه مات من سراية الجناية، ويحلف على ذلك لجواز أن يكون قتله آخر، أو شرب سما فمات منه، وان مضت مدة يمكن فيها الاندمال ثم مات، فإن كان مع الولي بينة أنه لم يزل متألما ضمنا إلى أن مات فالقول قوله مع يمينه، لأن الظاهر أنه مات من الجناية، وان لم يكن معه بينة على ذلك فالقول قول الجاني، لان ما يدعيه