لان هذا كلامهم. وروى أن عاملا لعمر بن عبد العزيز كتب إليه أن قوما يرون رأى الخوارج يسبونك، فقال إذا سبوني سبوهم، وإذا حملوا السلاح فاحملوا السلاح، وإذا ضربوا فاضربوهم اه فإذا سبوا الامام أو غيره عزروا، وإن عرضوا بسبب الامام عن طريق الكناية أو النكتة أو الفكاهة ففيه وجهان (أحدهما) لا يعزرون، لان عليا رضي الله عنه سمع رجلا خلفه في صلاة الفجر يقول (لئن أشركت ليحبطن عملك) ورفع بها صوته تعريضا له بذلك، فأجابه على (فاصبر أن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) ولم يعزره ولان التعريض يحتمل السب وغيره.
(والثاني) يعزرون لأنه إذا لم يعزرهم بالتعريض بالسب ارتقوا إلى التصريح بالسب وإلى أعظم منه، فإن بعث لهم الامام واليا فقتلوه وجب عليهم القصاص لان عليا بعث عبد بن خباب إلى أهل النهروان واليا كما قلنا فقتلوه، فبعث إليهم أن ابعثوا بقاتله فأبوا وقالوا (كلنا قلته) فسار إليهم وقاتلهم، وهل يتحتم القصاص على القاتل؟ فيه وجهان (أحدهما) يتحتم لأنه قتل بإشهار السلاح فصار بمنزلة قاطع الطريق.
(والثاني) لا يتحتم لأنه لم يقصد بذلك إخافة الطريق وأخذ الأموال فأشبه من قتل رجلا منفردا