(فصل) ولا يجوز قتالهم بالنار والرمي عن المنجنيق من غير ضرورة، لأنه لا يجوز أن يقتل إلا من يقاتل، والقتل بالنار أو المنجنيق يعم من يقاتل ومن لا يقاتل، وإن دعت إليه الضرورة جاز، كما يجوز أن يقتل من لا يقاتل إذا قصد قتله للدفع، ولا يستعين في قتالهم بالكفار ولا بمن يرى قتلهم مدبرين لان القصد كفهم وردهم إلى الطاعة دون قتلهم، وهؤلاء يقصدون قتلهم، فإن دعت الحاجة إلى الاستعانة بهم فإن كان يقدر على منعهم من ابتاع المدبرين جاز وان لم يقدر لم يجز.
(فصل) وان اقتتل فريقان من أهل البغي، فإن قدر الامام على قهرهما لم يعاون واحدا منهما، لان الفريقين على الخطأ، وان لم يقدر على قهرهما ولم يأمن أن يجتمعا على قتاله ضم إلى نفسه أقربهما إلى الحق، فإن استويا في ذلك اجتهد في رأيه في ضم أحدهما إلى نفسه، ولا يقصد بذلك معاونته على الآخر، بل يقصد الاستعانة به على الآخر، فإذا انهزم الآخر لم يقاتل الذي ضمه إلى نفسه حتى يدعوه إلى الطاعة لأنه حصل بالاستعانة به في أمانه (فصل) ولا يجوز أخذ مالهم لحديث ابن مسعود وحديث أبي أمامة في صفين، ولان الاسلام عصم دمهم ومالهم، وإنما أبيح قتالهم للدفع والرد إلى الطاعة وبقى حكم المال على ما كان، فلم يجز أخذه كمال قطاع الطريق، ولا يجوز الانتفاع بسلاحهم وكراعهم من غير اذنهم من غير ضرورة لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه) ولان من لا يجوز أخذ ماله لم يجز الانتفاع بماله من غير اذنه ومن غير ضرورة كغيرهم، وان اضطر إليه جاز كما يجوز أكل مال غيره عند الضرورة (الشرح) حديث عبد الله بن مسعود أخرجه الحاكم والبيهقي عن عبد الله ابن عمر، وأثر أبى أمامة في صفين أخرجه البيهقي قال (شهدت صفين فكانوا لا يجيزون على جريح ولا يقتلون موليا ولا يسلبون قتيلا) وحديث (لا يحل ما أمري الخ) مضى في الزكاة والبيوع والربا وغيرها أما الأحكام فإنه إذا أسر أهل العدل من البغي حرا بالغا فإن كان شابا