كقاضي أهل العدل، هذا نقل أصحابنا العراقيين، وقال الخراسانيون: إن كان قد نفذ الفضاء قبل كتابه، وإن لم ينفذ القضاء فهل يقبل كتابه؟ فيه قولان وإن شهد عدل من أهل البغي قبلت شهادته، ووافقنا أبو حنيفة على ذلك لأنهم وإن كانوا فسقة عنده من جهة التدين، إلا أن ذلك لا يوجب رد الشهادة عنده، وإنما قبلت شهادتهم عندنا وعند الحنابلة لأنهم ليسوا بفسقة فهم كأهل العدل المختلفين في الأحكام قوله: وإن استولوا على بلد وأقاموا الحدود الخ، فجملة ذلك أنه إذا استولى أهل البغي على بلد وأقاموا فيه الحدود وأخذوا الزكوات والجزية والخراج وقع ذلك موقعه.
وحكى المسعود وجها آخر أنه لا يعيد بما أخذوه من الجزية وليس بشئ لان عليا رضي الله عنه لما ظهر على أهل البغي لم يطالب بشئ مما كانوا قد جبوه من ذلك إذا ثبت هذا فظهر الامام على البلدة التي كانوا قد غلبوا عليها، فادعى من عليه الزكاة أنه قد كان دفع إليهم الزكاة فإن علم الإمام بذلك وقامت به عنده بينة لم يطالبه بشئ، وان لم يعلم الإمام بذلك ولا قامت به بينة فإن دعوى من عليه الزكاة مخالفة للظاهر فيحلفه، وهل تكون يمينه واجبة أو مستحبة؟ فيه وجهان مضى ذكرهما في الزكاة للامام النووي رضي الله عنه فإن ادعى من عليه الجزية أنه دفعها إليهم فإن علم الإمام بذلك أو قامت به بينة لم يطالبه بشئ، وان لم يعلم الإمام بذلك ولا قامت به بينة لم يقبل قول من عليه الجزية، لأنه يجب عليه الدفع إلى الامام لأنهم كفار ليسوا بمأمونين، ولان الجزية عوض عن المساكنة فلا يقبل قولهم في دفعها من غير بينة كثمن المبيع والأجرة.
وان ادعى من عليه الخراج أنه دفعه إليهم، فان علم الإمام بذلك أو قامت به بينة، لم يطالب بشئ، وان لم يعلم بذلك ولا قامت به بينة ففيه وجهان (أحدهما) يقبل قوله مع يمينه لأنه مسلم فقبل قوله مع يمينه فيما دفع كما قلنا فيمن عليه الزكاة (والثاني) لا يقبل قوله لان الخراج ثمن أو أجرة فلا يقبل قوله في دفعه من غير بينة كالثمن والأجرة في غير ذلك