الحرب قال الشيخان أبو حامد وأبو إسحاق: ويجوز قتلهم على هذا مقبلين ومدبرين، ويتخير الامام في الأسير منهم كما قلنا في أهل الحرب.
وقال ابن الصباغ: هل يجوز قتلهم على هذا مقبلين ومدبرين؟ فيه قولان بناء على القولين فيهم إذا نقضوا الذمة، هل يقتلون في الحال؟ أو يجب ردهم إلى مأمنهم؟ وهل تنتقض ذمتهم في حق أهل البغي؟ ينبغي أن يكون على الوجهين اللذين مضيا في صحة أمان أهل البغي لأهل الحرب، وإذا قلنا لا تنتقض ذمتهم فحكمهم حكم أهل البغي فيجوز قتلهم مقبلين ولا يجوز قتلهم مدبرين، ولا يجاز على جريحهم ولا يجوز سبى أموالهم ومن أسر منهم كان كمن أسر من أهل البغي إلا أنهم إذا أتلفوا على أهل العدل نفسا أو مالا لزمهم ضمانه قولا واحدا والفرق بينهم وبين أهل البغي أن لأهل البغي شبهة، فلذلك سقط عنهم الضمان في أحد القولين، وليس لأهل الذمة شبهة فوجب عليهم الضمان، ولان في إيجاب الضمان على أهل البغي تنفيرا عن رجوعهم إلى الطاعة، وقد أمرنا بإصلاحهم، وأهل الذمة لا يخاف من نفورهم، ولم نؤمر بالاصلاح بيننا وبينهم فإن استعان أهل البغي بمن بيننا وبينهم هدنة فأعانوهم انتقض أمانهم الا إذا ادعو انهم أكرهوا على ذلك، وأقاموا على ذلك بينة، والفرق بينهم وبين أهل الذمة أن أهل الذمة أقوى حكما ولهذا لا تنتقض الذمة لخوف جنايتهم والهدنة تنتقض لخوف جنايتهم فلان تنتقض بنفس الإعانة أولى، وإذا انتقض أمانهم كان حكمهم حكم أهل الحرب.
قال الشافعي رحمه الله: فإن جاء أحد تائبا لم يقتص منه لأنه مسلم محقون الدم، فمن أصحابنا من قال أراد بذلك الحربي والمستأمن وأهل الذمة إذا قلنا تنتقض ذمتهم، فإن الواجد من هؤلاء إذا قتل أحدا من أهل العدل ثم رجع إليهم تائبا لم يقتص منه لأنه قتله قبل اسلامه، فأما أهل البغي فلا يسقط عنهم الضمان بالتوبة لأنهم مسلمون.
ومنهم قال: ما أراد الشافعي بذلك الا أهل البغي، وقد نص في الام عليه ويجوز أن يعلل بأنه مسلم محقون الدم، لان قتله كان بتأويل فلم يزل خفر ذمته