فدل على أنه إجماع، ومن أصحابنا من قال: القولان في الأموال والديات، فأما القصاص فلا يجب قولا واحدا لأنه يسقط بالشبهة (مسألة) إذا عقد أهل البغي لأهل الحرب الذمة أو الأمان بشرط أن يعاونهم على قتال أهل العدل، لم يصح هذا العقد في حق أهل العدل، فيجوز لهم قتلهم مقبلين ومدبرين، ويجاز على جريحهم، ويجوز سبى ذراريهم، ويتخير الامام فيمن أسر منهم بين المن والقتل والاسترقاق والفداء، لان شرط صحة العقد لهم ألا يقاتلوا المسلمين، فإذا وقع القد على شرط قتال المسلمين لم يصح، وإن أتلفوا على أهل العدل نفسا أو مالا لم يجب عليهم ضمانه قولا واحدا، كما لو قاتلوا المسلمين منفردين. وهل يكونون في أمان من أهل البغي؟ فيه وجهان حكاهما المسعودي.
(أحدهما) ولم يذكر المصنف وابن الصباغ في الشامل غيره أنهم في أمان منهم، لأنهم قد بذلوا لهم الأمان فلزمهم الوفاء به (والثاني) أنهم لا يكونون في أمان منهم، لان من لم يصح أمانه في بعض المسلمين لم يصح في حق بعضهم كمن أمنه صبي أو مجنون، وأما إذا استعان أهل الغى بأهل الذمة على قتال أهل العدل وأعانوهم فهل تنتقض ذمتهم في حق أهل العدل؟ ينظر فيهم فإن قالوا: لم نعلم أنهم يستعينون بنا على المسلمين وإنما ظننا أنهم يستعينون بنا على الحرب، أو قالوا اعتقدنا أنه لا يجوز لنا إعانتهم عليكم إلا أنهم أكرهونا على ذلك لم تنتقض ذمتهم، لان عقد الذمة قد صح فلا ينتقض لأمر محتمل، وان لم دعوا شيئا من ذلك فهل تنقض ذمتهم؟ فيه قولان؟
(أحدهما) تنقض كما لو انفردوا بقتال المسلمين (والثاني) لا تنقض، لان أهل الذمة لا يعلمون المحق من المبطل، وذلك شبهة لهم.
وقال أبو إسحاق المروزي: القولان إذا لم يكن الامام قد شرط عليهم في عقد الذمة الكف عن القتال لفظا، وان شرط عليهم الكف عن ذلك انتقضت ذمتهم قولا واحدا، والطريق الأول هو المنصوص، فإذا قلنا تنتقض ذمتهم لم يجب عليهم ضمان ما أتلفوا على أهل العدل من نفس ومال قولا واحدا كأهل