عسكر الشام بمكان يقال له النخيلة، وكانوا منقمعين في إمارة زياد وابنه طول مدة ولاية معاوية وابنه يزيد، وظفر زياد وابنه بجماعة منهم فأبادهم بين قتل وحبس طويل، ثم بعد ذلك ظهر الخوارج بالعراق في خلافة ابن الزبير وادعاء مروان الخلافة وكانوا بقيادة نافع بن الأزرق وباليمامة مع نجدة بن عامر، وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب الملمين فهو كافر، ولو اعتقد معتقدهم، وعظم البلاء بهم وتوسعوا حتى أبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الإبط، وأوجبوا الصلاة على الحائض حال حيضها، وكفروا من ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر إن كان قادرا، وإن لم يكن قادرا فقد ارتكب كبيرة، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر، وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لهم مطلقا، وفتكوا في المنتسبين إلى الاسلام بالقتل والسبي والنهب، فمنهم من يفعل ذلك مطلقا، ومهم من يدعوا أولا ثم يفتك.
هذا معتقد الخوارج والسبب الذي لأجله خرجوا، ويتبين بذلك بطلان ما حكاه الرافعي.
قال الشوكاني: وقد وردت بما ذكرنا من أصل حال الخوارج أخبار جياد.
منها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري الخ وعدة فرق الخوارج نحو عشرين فرقة.
قال ابن حزم: وأقربهم إلى الحق الأباضية. قلت وهم يعيشون الآن في جبال القبائل في شمال إفريقية من تونس والجزائر ومراكش، كما أن لهم إماما في عمان وقد قرأت في كتبهم أنهم يتبعون في فقههم أبا الشعثاء جابر بن زيد، وهو موثق في جميع كتب أهل السنة وله عندهم أخبار وروايات رواها عنه عبد الله بن إباض لم أجدها عندنا.
فإذا ثبت هذا فأظهر قوم رأى الخوارج فتجنبوا الجماعات وسبوا السلف وأكفروهم وقالوا: من أتى بكبيرة خرج من الملة واستحق الخلود في النار، ولكنهم لم يخرجوا من قبضة الامام فإنه لا يقاتلهم في ذلك كما رويناه في الرجل الذي قال على باب المسجد وعلى يخطب: لا حكم الا لله، وكان خارجيا،