متوسد بردة في ظل الكعبة فشكونا إليه فقلنا ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟
فجلس محمرا وجهه فقال (قد كان من قبلكم الخ الحديث) فقد أخرجه البخاري في الاكراه عن مسدد، وفى علامات النبوة عن محمد بن المثنى، وفى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم عن الحميدي، وأخرجه أبو داود في الجهاد عن عمرو بن عون والنسائي في الزينة عن يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن المثنى أما اللغات فإن الارتداد الرجوع عن الدين والاسم الردة، ورد عن الشئ ء رجع عنه، الاطمئنان السكون واستئناس القلب.
قوله (فيقذف فيها) أي يرمى فيها ويطرح، والمنشار والميشار غير مهموز. الآلة المعروفة، والنكاية في العدو أصله الوجع والألم، وقيل هو قشر الجرح. قال الشاعر (ولا تنكئى قرح الفؤاد فينجعا) أما الأحكام فإن المرتد هو الراجع عن دين الاسلام إلى الكفر. قال تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) إذا ثبت هذا فإن الردة إنما تصح من كل بالغ عاقل مختار، فأما الصبي والمجنون فلا تصح ردتهما. وقال أبو حنيفة تصح ردة الصبي ولكن لا يقتل حتى يبلغ.
ومرد هذا الخلاف إلى صحة إسلام الصبي، فعند الشافعي وزفر أن الصبي لا يصح إسلامه حتى يبلغ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ) ولأنه قول تثبت به الأحكام فلم يصح من الصبي كالهبة، ولأنه أحد من رفع القلم عنه فلم يصح إسلامه كالمجنون والنائم، ولأنه ليس بمكلف أشبه الطفل وقال أبو حنيفة وصاحباه وأحمد بن حنبل وسائر أصحابه، وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو أيوب يصح إسلام الصبي إذا كان له عشر سنين وعقل الاسلام لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) وقوله (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) وقوله صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا واما كفورا) وهذه الأخبار يدخل في عمومها الصبي، ولان