أن امرأة يقال لها أم رومان ارتدت عن الاسلام، فبلغ أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر أن تستناب، فإن تابت وإلا قتلت) وهل يجب أن يستناب أو يستحب؟ فيه قولان (أحدهما) لا يجب لأنه لو قتل قبل الاستتابة لم يضمنه القاتل، ولو وجبت الاستتابة لضمنه.
(والثاني) أنها تجب لما روى أنه (لما ورد على عمر رضي الله عنه فتح تستر فسألهم هل كان من مغربة خبر؟ قالوا نعم، رجل ارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين فأخذناه وقتلناه، قال فهلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه ثلاثا، فإن تاب والا قتلتموه، اللهم إني لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذ بلغني) ولو لم تجب الاستتابة لما تبرأ من فعلهم.
فإن قلنا إنه تجب الاستتابة أو تستحب ففي مدتها قولان.
(أحدهما) أنها ثلاثة أيام لحديث عمر رضي الله عنه، ولان الردة لا تكون إلا عن شبهة وقد لا يزول ذلك بالاستتابة في الحال فقدر بثلاثة أيام، لأنه مدة قريبة يمكن فيها الارتياب والنظر، ولهذا قدر به الخيار في البيع.
(والثاني) وهو الصحيح أنه يستتاب في الحال، فإن تاب وإلا قتل لحديث أم رومان، ولأنه استتابة من الكفر فلم تتقدر بثلاث كاستتابة الحربي، وإن كان سكرانا فقد قال الشافعي رحمه الله تؤخر الاستتابة، فمن أصحابنا من قال تصح استتابته والتأخير مستحب، لأنه تصح ردته فصحت استتابته.
ومنهم من قال لا تصح استتابته ويجب التأخير، لان ردته لا تكون إلا عن شبهة، ولا يمكن بيان الشبهة ولا إزالتها مع السكر، وان ارتد ثم جن لم يقتل حتى يفيق ويعرض عليه الاسلام، لان القتل يجب بالردة، والاصرار عليها، والمجنون لا يوصف بأنه مصر على الردة.
(الشرح) حديث عثمان (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) أخرجه أبو داود في الديات عن سليمان بن حرب والترمذي في الفتن عن أحمد أبن عبده والنسائي في الاحباس عن زيدا بن أيوب، وعن عمران بن بكار بن