الاسلام عبادة محضة فصحت من الصبي العقال كالصلاة والحج، ولان الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام وجعل طريقها الاسلام، وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم، ولان عليا أسلم صبيا وقال سبقتكم إلى الاسلام طرا * صبيا ما بلغت أوان حلم ولذا قيل، أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان على، ومن النساء خديجة، ومن العبيد بلال. وقال عروة أسلم على والزبير وهما ابنا ثمان سنين، وقد اختلف القائلون بصحة إسلام الصبي في حد السن، فقال الخرقي عشر سنين لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضربه على الصلاة لعشر، وقال ابن قدامة أكثر المصححين لاسلامه لم يشترطوا ذلك ولم يحدوا له حدا من السنين وحكاه ابن المنذر عن أحمد، لان المقصود متى ما حصل لا حاجة إلى زيادة عليه وروى عن أحمد إذا كان ابن سبع سنين فإسلامه إسلام لقوله صلى الله عليه وسلم مروهم بالصلاة لسبع وقال ابن أبي شيبة (إذا أسلم وهو ابن خمس سنين صح اسلامه) وقال أبو أيوب (أجيز اسلام ابن ثلاث سنين فمن أصاب الحق من صغير أو كبير أجزناه. الا أنهم قالوا لا يقتل الا إذا بلغ وجاوز البلوغ بثلاثة أيام فإذا ثبت هذا فإذا ارتد صحت ردته عندهم، وهو الظاهر من مذهب أبي حنيفة ومالك. وفى رواية عن أحمد بهذا، ورواية انه يصح اسلامه ولا تصح ردته وهل تصح ردة السكران؟ ذكر الشيخ أبو إسحاق هنا فيها طريقين، أحدهما أنها على قولين، والثانية لا تصح ردته قولا واحدا، ولم يذكر الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وأكثر أصحابنا غير هذه الطريقة. ومن أكره على كلمة الكفر فالأفضل ألا يأتي بها.
ومن أصحابنا من قال (إن كان ممن يرجوا النكاية في أمر العدو والقيام في أمر الشرع فالأفضل أن يدفع القتل عن نفسه ويتلفظ بها، وإن كان لا يرجو ذلك اختار القتل، والمذهب الأول، لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه الا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره