فيضحى بها فإن بلغ ثمنها أضحيتين اشتراهما لان ثمنها بدل منها ولا يكون له أن يملك منه شيئا وإن بلغ أضحية وزاد شيئا لا يبلغ ثانية ضحى بالضحية وأسلك الفضل مسلك الضحية (قال الشافعي) وأحب إلي لو تصدق به وإن نقص عن ضحية فعليه أن يزيد حتى يوفى ضحية، لا يجزيه غير ذلك لأنه مستهلك الضحية فأقل ما يلزمه ضحية مثلها (قال الشافعي) الضحايا سنة لا يجب تركها فمن ضحى فأقل ما يكفيه جذع الضأن أو ثنى المعز أو ثنى الإبل والبقر والإبل أحب إلي أن يضحى بها من البقر والبقر أحب إلي أن يضحى بها من الغنم وكل ما غلا من الغنم كان أحب إلي مما رخص وكل ما طاب لحمه كان أحب إلي مما يخبث لحمه (قال) والضأن أحب إلي من المعز والعفر أحب إلي من السود وسواء في الضحايا أهل منى وأهل الأمصار، فإذا كانت الضحايا إنما هو دم يتقرب به إلى الله تعالى فخير الدماء أحب إلي، وقد زعم بعض المفسرين أن قول الله تعالى " ذلك ومن يعظم شعائر الله " استسمان الهدى واستحسانه وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الرقاب أفضل؟ فقال " أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها " والعقل مضطر إلى أن يعلم أن كل ما تقرب به إلى الله تعالى إذا كان نفيسا كلما عظمت رزيته على المتقرب به إلى الله تعالى كان أعظم لاجره وقد قال الله تعالى في المتمتع " فما استيسر من الهدى " وقال ابن عباس ما استيسر من الهدى شاة وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين تمتعوا بالعمرة إلى الحج أن يذبحوا شاة شاة وكان ذلك أقل ما يجزيهم لأنه إذا أجزأه أدنى الدم فأعلاه خير منه ولو زعمنا أن الضحايا واجبة ما أجزأ أهل البيت أن يضحوا إلا عن كل إنسان بشاة أو عن كل سبعة بجزور ولكنها لما كانت غير فرض كان الرجل إذا ضحى في بيته فقد وقع اسم ضحية عليه ولم تعطل، وكان من ترك ذلك من أهله لم يترك فرضا، ولا يلزم الرجل أن يضحى عن امرأة ولا ولد ولا نفسه وقد بلغنا أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يقتدى بهما ليظن من رآهما أنها واجبة وعن ابن عباس أنه جلس مع أصحابه ثم أرسل بدرهمين فقال اشتروا بهما لحما ثم قال " هذه أضحية ابن عباس " وقد كان قلما يمر به يوم إلا نحر فيه أو ذبح بمكة وإنما أراد بذلك مثل الذي روى عن أبي بكر وعمر ولا يعدو القول في الضحايا هذا أن تكون واجبة، فهي على كل أحد صغير أو كبير لا تجزى غير شاة عن كل أحد، فأما ما سوى هذا من القول فلا يجوز (قال الشافعي) فإذا أوجب الضحية فولدت ذبح ولدها معها كما يوجب البدنة فتنتج فيذبح ولدها معها إذا لم يوجبها فقد كان له فيها إمساكها، وولدها بمنزلتها إن شاء أمسكه وإن شاء ذبحه، ومن زعم أنه ليس له أن يبدل الضحية بمثلها ولا دونها مما يجزى فقد جعلها في هذا الموضع واجبة فيلزمه أن يقول في هذا الموضع مثل ما قلنا ويلزم أن يقول ولا له أن يبدلها بما هو خير منها لأنه هكذا يقول في كل ما أوجب ولا تعدو الضحية إذا اشتريت أن يكون حكمها حكم واجب الهدى فلا يجوز أن تبدل بألف مثلها أو حكمها حكم ماله يصنع به ما شاء فلا بأس أن يبدلها بما شاء مما يجوز ضحية وإن كان دونها ويحبسها (قال الشافعي) وإذا أوجب الضحية لم يجز صوفها وما لم يوجبها فله أن يجز صوفها، والضحية نسك من النسك مأذون في أكله وإطعامه وادخاره فهذا كله جائز في جميع الضحية جلدها ولحمها وأكره بيع شئ منه والمبادلة به بيع (قال الشافعي) فإن قال قائل ومن أين كرهت أن تباع وأنت لا تكره أن تؤكل وتدخر؟ قيل له لما كان نسكا فكان الله حكم في البدن التي هي نسك فقال عز وجل " فكلوا منها وأطعموا " وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكل الضحايا والاطعام كان ما أذن الله فيه ورسوله صلى الله عليه وسلم مأذونا فيه فكان أصل ما أخرج الله عز وجل معقولا أن لا يعود إلى مالكه منه شئ إلا ما أذن الله فيه
(٢٤٦)