يتريث، ويتطلع إليك برضى أول الأمر، ثم يزف إليك - مبتسما - بشرى انتقالك لمرحلة طالما حلمت بها، معترفا لك من خلال ذلك بأهليتك التامة لمرحلتك الجديدة، متوجها إليك مميزا لك من بين زملائك، بأمر ما ينم عن اعتراف بأهليتك.
ألا تشعر يؤمئذ باعتزاز من نوع خاص لأمر، وحب لما أمرك به، مشوب بالاعتداد، والثقة بالنفس، لتوجيهه الخطاب إليك دون غيرك من أقرانك، متبوع بسعي حثيث لتنفيذ ما أمرك به..
كل ذلك والآمر مدير مدرستك، فكيف سيكون شعورك لو كان الآمر هو السيد المدير العام؟! بل كيف سيكون الحال لو كان الآمر هو السيد المفتش العام؟!
كيف سيكون شعورك لو كان الآمر...
واستمر أبي يرتقي بالآمر المخاطب رتبة رتبة، ومع كل رتبة يرتقيها بتجلي لي أكثر فأكثر شئ ما كان خافيا علي من قبل.. كما لو أني أفقت للتو من سبات عميق.
وما أن وصل أبي إلى أمر الله عز وجل وخطابه إلي، وتكليفه إياي حتى صعقت.
- الله يخاطبني أنا... يأمرني أنا.. أنا.
- نعم يا بني.. الله يخاطبك أنت.. أنت ابن خمس عشرة سنة.
ويكلفك أنت.. أنت ابن خمس عشرة سنة.. ويأمرك أنت..
وينهاك أنت.