الشهود فيقر بين أيديهم دفعة واحدة، وكذلك إذا شهد أحدهما أنه أقر عنده بالعربية أنه وكيله، وشهد الآخر أنه أقر عنده بالعجمية أنه وكيله، لأن هذا إقرار والشهادة على الإقرار المتفرق مقبولة.
إذا شهد أحدهما فقال: أشهد أنه قال له: وكلتك، وشهد الآخر أنه قال:
أذنت لك في التصرف، لم يثبت بذلك، لأنها شهادة على عقد، والعقد بقوله " وكلتك " غير العقد بقوله " أذنت لك في التصرف "، فلم تتفق شهادتهما على عقد واحد، وكذلك إذا شهد أحدهما أنه قال له: جعلتك وكيلا، وقال الآخر:
أشهد أنه قال له: جعلتك جريا، لما ذكرناه، والجري الوكيل.
إذا شهد أحدهما أنه وكله في التصرف وشهد الآخر أنه أذن له في التصرف أو سلطه على التصرف في ماله ثبتت الوكالة بتلك الشهادة، لأنهما لم يحكيا لفظ العقد، فاختلافهما في الأداء في اللفظ لا يؤثر في الشهادة.
إذا ادعى أنه وكيل فلان الغائب في استيفاء حقه من فلان وأقام على وكالته شاهدين فشهدا له بذلك، فقال الذي عليه الحق للوكيل: إنك لا تستحق على المطالبة فاحلف أنك تستحق ذلك، لم يحلف الوكيل على تلك الدعوى ولا تسمع تلك الدعوى، لأن فيها طعنا على الشهود، لأنهم أثبتوا له بشهادتهم استحقاق المطالبة.
فأما إذا ادعى توكيل فلان الغائب في استيفاء حقه من فلان فقال الذي عليه الحق: قد عزلك موكلك، فأنكر الوكيل ذلك لم تسمع عليه دعواه، ولا يحلف الوكيل، لأنه يدعي على الموكل ولا تدخل النيابة في اليمين، فإن قال:
أنت تعلم أن موكلك عزلك، كان له مطالبة الوكيل باليمين لأنها دعوى عليه دون الموكل، وتفارق دعوى العزل لأنها دعوى على الموكل دون الوكيل.
فإن أقام الذي عليه الحق بينة أن موكله عزله سمعت، وإن شهد له ابنا الموكل الغائب لم تقبل شهادتهما، لأنها شهادة على أبيهما، وشهادة الابن على الأب غير مقبولة عندنا، وعند المخالف تقبل.