المال المأذون له ذلك للتسلف كان قضاء له من نفسه إلى من له عليه الدين، فإنه يدفع إلى بائع الطعام بإذن صاحب الدين، فكان بمنزلة دفعه إليه أو إلى وكيله.
وإن لم يكن له عليه مال فأذن له أن يسلف رجلا في إطعام يشتريه له ففعل ذلك صح، وكان ما وزنه من المال قرضا له على الآمر لأنه أذن له في قضاء دينه، فإذا قضاه رجع به عليه، ويكون في المسألة الأولى قضاء الدين عنه، وفي الثانية قضاء الدين الذي على موكله.
إذا ادعى رجل على أنه وكيل فلان الغائب فأقام على ذلك شاهدا واحدا لم يقبل يمينه معه، لأن الولايات لا تقبل فيها شهادة مع اليمين، كالوصية وغيرها، وإنما يختص ذلك بالأموال، وإن أقام الوكيل شاهدا وامرأتين لا يقبل أيضا لمثل ما قلناه، ولأنه لا دليل على ذلك.
إذا ادعى رجل أنه وكيل فلان الغائب وأقام على ذلك شاهدين فشهد أحدهما أنه وكله، وشهد الآخر أنه وكله لكن عزله لم يحكم له بالوكالة بتلك الشهادة، لأن الشاهد الثاني ما أثبت للمشهود له وكالة ثابتة في الحال، فوجود شهادته وعدمها بمنزلة واحدة.
فأما إذا شهدا له بالوكالة فحكم الحاكم بها ثم قال أحد الشاهدين: كان قد عزله بعد أن وكله، لم يقبل ذلك منه، لأنه ابتداء الرجوع عن الشهادة بعد حكم الحاكم بها، وإن قال ذلك قبل أن يحكم الحاكم لم يحكم لأنه رجع قبل الحكم، ولا يجوز للحاكم أن يحكم بعد الرجوع.
إذا شهد له أحدهما بالوكالة فقال: أشهد أنه وكله يوم الخميس، وقال الآخر:
أشهد أنه وكله يوم الجمعة، لم يحكم بالوكالة بهذه الشهادة، لأنها شهادة على عقد ولم يتفقا على عقد واحد.
فأما إذا شهد أحدهما أنه أقر أنه وكله يوم الخميس وشهد الآخر أنه أقر أنه وكله يوم الجمعة صحت الشهادة وتثبت بها الوكالة، لأن هذه شهادة على إقراره والشهادة على الإقرار لا تكون إلا متفرقة، لأن المشهود عليه لا يكلف أن يجئ إلى