فإنه يملكه، فأما من يحييه بغير إذنه فإنه لا يملك به حسب ما قدمناه.
وأما ما به يكون الأحياء فلم يرد الشرع ببيان ما يكون إحياء دون ما لا يكون، غير أنه إذا قال النبي عليه وآله السلام: من أحيا أرضا فهي له، ولم يوجد في اللغة معنى ذلك، فالمرجع في ذلك إلى العرف والعادة، فما عرفه الناس إحياء في العادة كان إحياء، وملكت به الموات، كما أنه لما قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، وأنه نهى عن بيع ما لم يقبض، وأن القطع يجب في قيمة المجن، رجع في جميع ذلك إلى العادة.
فإذا ثبت ذلك فجملة ذلك على أن الأرض تحيي للدار والحظيرة والزراعة.
فإحياؤها للدار فهي بأن يحوط عليها حائط ويسقف عليه، فإذا فعل ذلك فقد أحياها وملكها ملكا مستقرا ولا فرق بين أن يبني الحائط بطين أو بآخر وجص أو خشب.
وأما إذا أخذها للحظيرة فقدر الأحياء أن يحوطها بحائط من آجر أو لبن أو طين " وهو الرهص " أو خشب وليس من شرط الحظيرة أن يجعل لها سقف، وتعليق الأبواب في الدور والحظيرة وليس من شرطه، وفيهم من قال: هو شرط، والأول أقرب.
وأما الأحياء للزراعة فهو أن يجمع حوله ترابا وهو الذي يسمى مرزا وأن يرتب لها الماء إما بساقية فيحفرها ويسوق الماء فيها، أو بقناة يحفرها أو بئر أو عين يستنبطها، ولا خلاف أن هذه الثلاثة شرط في الأحياء للزراعة، وفي الناس من ألحق بها أن يزرعها ويحرثها، والصحيح أنه ليس من شرطه، كما أن سكنى الدار ليس من شرط الأحياء.
وأما إذا أحياها للغراس، فإنه يملكها إذا ثبت الغراس فيها ورتب الماء فيها، فإذا فعل ذلك فقد أحياها فإذا أحياها وملكها فإنه يملك مرافقها التي لا صلاح للأرض إلا بها، وقد بيناه فيما مضى.
وأما إذا حفر بئرا أو شق نهرا أو ساقية فإنه يملك حريمها حسب ما رسمناه