الظاهرة في الماء والقير والنفط والمومياء والكبريت والملح وما أشبه ذلك، فهذا لا تملك بالإحياء، ولا يصير أحد أولى به بالتحجر من غيره، وليس للسلطان أن يقطعه بل الناس كلهم فيه سواء يأخذون منه قدر حاجتهم، بل يجب عندنا فيها الخمس، ولا خلاف في أن ذلك لا يملك.
وروي أن الأبيض بن حمال المأربي استقطع رسول الله ملح ماء مأرب فروي أنه أقطعه، وروي أنه أراد أن يقطعه فقال له رجل - وقيل إنه الأقرع بن حابس -: أتدري يا رسول الهل ما الذي تقطعه؟ إنما هو الماء العد، قال: فلا إذا.
والماء العد الدائم الذي لا ينقطع أراد أن ذلك الملح بمنزلة الماء الدائم لا ينقطع ولا يحتاج إلى عمل واستحداث شئ.
ولا خلاف أنه لا يجوز للسلطان أن يقطع مشارع الماء فيجعله أحق بها من غيره، وكذلك المعادن الظاهرة، وطعن في ذلك الخبر بأن هذا يؤدي إلى تخطئة النبي صلى الله عليه وكله في الإقطاع، وأجيب عنه بأنه ما أقطع وإنما أراد ولم يفعل، فنقل الراوي الفعل، ولأنه عليه السلام أقطع على ظاهر الحال، فلما انكشف رجع.
فإذا ثبت أنها لا تملك فمن سبق إليها أخذ منها قدر حاجته وانصرف، فإن أقام يريد أن يأخذ فوق حاجته فللإمام منعه منه، وقيل: ليس له منعه، وهو الأقوى، فإن سبق إليه اثنان أقرع بينهما الإمام، وقيل: إنه يقدم أيهما شاء، والأول أصح، وقيل أيضا: إنه يقيم الإمام من يأخذه فيقسم بينهما.
وإذا كان في الساحل بقعة إذا حفرت وانساق إليها الماء ظهر لها ملح، فإن هذا في حكم الموات، لأنه لا ينتفع إلا باستحداث شئ، فيملك بالإحياء ويصير بالتحجر عليه أولى، وللسلطان أن يقطعها، فإذا حصل واحد منها صار أولى بها من غيره.