يحوط عليها حائطا وما أشبه ذلك من آثار الأحياء - فإنه يكون أحق بها من غيره، فإقطاع السلطان بمنزلة التحجير.
فإن أخر الأحياء فقال له السلطان: إما أن تحييها أو تخلي بينه وبين غيرك حتى يحييها، فإن ذكر عذرا في التأخير مثل أن يزعم أن الآلة قد عابت يريد إصلاحها أو أصحابه وأكرته هربوا أو عبيده أبقوا واستأجل في ذلك، أجله السلطان في ذلك، وإن لم يكن له عذر في ذلك وخيره السلطان بين الأمرين فلم يفعل أخرجها من يده فإن بدر غيره قبل أن يخرجها السلطان من يده فأحياها لم يملك بذلك، لأنه لم يأذن له السلطان، وفيهم من قال: أساء وملك، وفيهم من قال: لا يملك، كما قلناه، لأنه ممنوع من ذلك بتحجير الأول.
إذا تحجر أرضا وباعها لم يصح بيعها، وفي الناس من قال: يصح، وهو شاذ، فأما عندنا فلا يصح بيعه، لأنه لا يملك رقبة الأرض بالإحياء، وإنما يملك التصرف بشرط أن يؤدي إلى الإمام ما يلزمه عليها، وعند المخالف لا يجوز، لأنه لا يملك بالتحجر قبل الأحياء، فكيف يبيع ما لا يملك؟
فأما ما يجوز أن يقطعه السلطان وما لا يجوز فجملته أن ما لا يملكه أحد من الناس على ضربين: أحدهما لا يملكه أحد إلا بما يستحدث فيه، وذلك مثل الموات من الأرض، وقد ذكرنا أنه يملك بالإحياء بإذن السلطان التصرف فيها، وهو أولى من غيره، وإذا تحجر صار أحق به من غيره.
ويجوز للسلطان أن يعطيه من غير إحياء ولا تحجير، لأن الموات ملكه، فله أن يعطيه، وهذا لا خلاف فيه وإن اختلفوا في جهة الملك، ولأن النبي صلى الله عليه وآله أقطع الدور بالمدينة وأنه عليه السلام أقطع وائل بن حجر أرضا بحضرموت وأقطع الزبير حضر فرسه فأجرى فلما قام الفرس رمى بسوطه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أعطوه منتهى سوطه، وأقطع بلال بن الحرث المزني المعادن القبلية جلسيها وغوريها.
وأما المعادن على ضربين: ظاهرة وباطنة، فالباطنة لها باب نذكره، وأما