الخردل، وجعل بوزنها مع المائة صنجة ثالثة، حتى بلغ مجموع الصنج خمس صنجات فكانت صنجته نصف سدس مثقال، ثم أضعف وزنها حتى صارت ثلث مثقال، فركب منها نصف مثقال، ثم مثقالا وعشرة وفوق ذلك. فعلى هذا تكون زنة المثقال الواحد ستة آلاف حبة. ولما بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وآله أقر أهل مكة على ذلك كله. وقال (الميزان ميزان أهل مكة) وفي رواية (ميزان المدينة.) (1) وفي كتاب الدينار الإسلامي: كان للعرب تجارة واسعة يقصدون بها ما جاورهم من البلاد والأقطار الأخرى. ولقريش (رحلة الشتاء والصيف) إلى اليمن والشام ومنهم من كان يؤم العراق فيبيعون. ويشترون، ثم يعودون إلى وطنهم الحجاز حاملين معهم من الشام دنانير ذهبا قيصرية ومن العراق دراهم فضة كسروية. وقليل منهم كانوا يحملون نقود اليمن الحميرية، وما سواها من نقود العرب التي كانت متداولة بينهم في الجاهلية فان التعامل بها كان نادرا.
فكانت ترد الحجاز دنانير الذهب الهرقلية البيزنطية من الشام، ودراهم الفضة الساسانية من العراق، وكانوا لا يتعاملون بها الا وزنا بحساب المثاقيل باعتدادها تبرا أي مادة صرفة من ذهب أو فضة ولا تقبل بالعد فيغضون النظر عن كونها نقودا مضروبة، وذلك لتنوع الدراهم وأوزانه، والدنانير وإن كانت ثابتة الوزن والمقدار فقد ينقص بعضها في أثناء التداول أو لسبب آخر، ولمنع الغبن كانوا يعمدون إلى الوزن) (2) فالنقلان مختلفان ظاهرا في كيفية تعامل العرب في الجاهلية وصدر الاسلام بالنقود الرومية والفارسية فظاهر الأول أنهم كانوا يتعاملون بها عددا وصريح الثاني أن تعاملهم بها كان وزنا. الا ان الممكن إرادة الثاني من الأول أيضا، و أن المراد منه هو أنهم كانوا يتعاملون بها بعد ما يردونها في معاملتهم إلى الوزن كما نص عليه ابن خلدون قال: (وكانوا (أي العرب بعد مجئ الاسلام) يتعاملون