فلما كانت سنة ثماني عشرة من الهجرة - وهى السنة الثامنة من خلافته (1) أتته الوفود، منهم وفد البصرة وفيهم الأحنف بن قيس، فكلم عمر بن الخطاب في مصالح أهل البصرة، فبعث معقل بن يسار، فاحتفر نهر معقل (2)، الذي قيل فيه: (إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل) ووضع الجريب (3) والدرهمين في الشهر.
فضرب حينئذ عمر الدراهم على نقش الكسروية وشكلها بأعيانها. غير أنه زاد في بعضها: (الحمد الله) وفي بعضها: (محمد رسول الله) وفي بعضها: (لا إله إلا الله وحده) وفي آخر مدة عمر وزن كل عشرة دراهم ستة مثاقيل.
فلما بويع عثمان بن عفان ضرب في خلافته دراهم، نقشها: " الله أكبر ".
فلما اجتمع الأمر لمعاوية بن أبي سفيان وجمع لزياد بن أبيه الكوفة والبصرة قال: إن عمر بن الخطاب صغر الدرهم، وكبر القفيز (4)، وصارت تؤخذ عليه ضريبة أرزاق الجند، وترزق عليه الذرية، طلبا للإحسان إلى الرعية، فلو جعلت أنت عيارا دون ذلك العيار، ازدادت الرعية به مرفقا، ومضت لك السنة الصالحة فضرب معاوية تلك الدراهم السود الناقصة من ستة دوانيق، فتكون