والأمر سهل ولا يخفى أن الظاهر من الخبرين في تفسيرهما عدم أخذ خصوصية تلك الشجرة أو ذلك الزرع اللذين يؤخذ منهما الثمرة أو الحنطة بل لا يبعد أن تعد المعاملة بهذا النحو سفهية إلا أن ترجع إلى إعطاء مالك النخلة أو الزرع مقدارا من الثمرة أو الزرع إلى الطرف في قبال عمله الراجع إلى الثمرة والزرع، وهذا ليس بيعا، فما قيل من أن هذه المعاملة هي المتيقنة من تحريم المزابنة ليس بجيد، لأن النهي راجع إلى أمر قابل لتوجه العقلاء وبيع الشئ بنفسه ليس كذلك.
وفي قبال ما ذكر ما يدل على الجواز ففي صحيح الحلبي " قال أبو عبد الله عليه السلام في رجل قال للآخر: بعني ثمرتك في نخلك هذه التي فيها بقفيزيين من تمر أو أقل أو أكثر يسمى ما شاء فباعه، قال: لا بأس به، وقال: البسر والتمر من نخلة واحدة لا بأس به فأما أن يخلط التمر العتيق والبسر فلا يصلح، والزبيب والعنب مثل ذلك " (1) وموثق الكناني " سألت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا كان له على رجل خمسة عشر وسقا من تمر وكان له نخل فقال له: خذ ما في نخلي بتمرك فأبى أن يقبل فأتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن لفلان علي خمسة عشر وسقا من تمر فكلمه يأخذ ما في نخلي بتمره، فبعث النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا فلان خذ ما في نخله بتمرك، فقال: يا رسول الله لا يفي، وأبى أن يفعل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لصاحب النخل اجذذ نخلك فجذه فكاله خمسة عشر وسقا فأخبرني بعض أصحابنا عن ابن رباط ولا أعلم إلا أني قد سمعته منه قال: إن أبا عبد الله عليه السلام قال: إن ربيعة الرأي لما بلغه هذا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: هذا ربا، قلت: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، قال: صدقت (2) " وخبر يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السلام " سألته عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه: اختر إما أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمى وتعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص، وإما أن آخذه أنا بذلك وأرده عليك؟ قال: لا بأس بذلك " (3) ويمكن الجمع