وفي قبال هذين وغيرهما صحيح عبد الرحمن المسند إلى الصادق عليه السلام في التحرير المضمر في غيره " سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو مساكين وهو محتاج أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه؟ قال: لا يأخذ منه شيئا حتى يأذن له " (1) وقد يقرب المنع بظهور الأمر بالاعطاء والدفع ونحوهما في الاخراج للغير وكون المقام كالتوكيل في البيع والتزويج ونحوهما مما لا يشمل الوكيل نفسه ولا أقل من أن يكون مسكوتا عنه.
ويمكن أن يقال: يبعد أن يكون الأخبار الواردة ناظرة إلى حكم التعبدي على خلاف ما يستظهر من كلام الدافع أو مع عدم ظهور كلامه فمع الشك يشكل جواز الأخذ وإن كان بحيث لو سئل عنه لجوز، لكن كان هذا الشخص المدفوع إليه مسكوتا عنه وعلى هذا يشك القول بالجواز ترجيحا للأخبار المجوزة.
وأما اعطاء العيال فإن كان العيال بحيث يكون صرف المال فيهم بمنزلة صرفه في نفسه فالاشكال باق وإلا فلا إشكال، ويدل عليه صحيح عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون، أيعطيهم من غير أن يستأمر صاحبه؟ قال: نعم (2) " وهذا الصحيح مطلق كالأخبار المجوزة للأخذ لنفسه، ولا يبعد الأخذ باطلاقها بأن يقال كما يرجع الشاك في مفهوم كلام إلى العرف ويرفع شكه كذلك يرفع الشك ببيان الشرع إن أخذ بالأخبار المجوزة لكن هذا مع حصول الشك بنظر العرف مشكل إلا أن يكون من باب التعبد وهو مستعبد وأما مع التعيين فلا يجوز التجاوز ووجهه واضح.
(الخامسة جوائز الظالم محرمة إن علمت بعينها وإلا فهي حلال).
جائز الظالم لا تخلو عن أحوال لأنه إما أن لا يعلم في جملة أمواله مال محرم يصلح لكون المأخوذ هو من ذلك المال وإما أن يعلم، وعلى الثاني فإما أن لا يعلم أن ذلك المحرم أو شيئا منه هو داخل في المأخوذ وإما أن يعلم ذلك، وعلى الثاني فإما أن يعلم تفصيلا وإما أن يعلم إجمالا فالصور أربع: