على المحكي: " كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أصحابنا فقال له:
أصلحك الله إنه ربما أصاب الرجل منا الضيق والشدة فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة يصلحها، فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أحب أني عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء، وأن لي ما بين لابتيها، لا ولا مدة بقلم، إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله عز وجل من العباد " (1).
ولا يبعد التفصيل بين عمل يعد عونا للظالم ولو في غير الظلم بحيث يعد الانسان من أعوان الظلمة وبين ما لا يعد عونا كعمل الخباز والخياط والبناء للأخبار وصدق الركون إلى الظالم في الأول ولزوم حفظ النفس في الثاني بل يكفي عدم صدق العون.
وأما حرمة أجرة الزانية فلعلها من الضروريات حيث لا مهر لبغي، والفعل الحرام لا أجرة له كما بين في محله، وما في رواية تحف العقول من قوله " وكل أمر منهي عنه من جهة من الجهات فمحرم على الانسان إجارة نفسه فيه أوليه أو شئ منه أوله - الخ ".
(السادس الأجرة على القدر الواجب من تغسيل الأموات وتكفينهم وحملهم ودفنهم والرشاء في الحكم والأجرة على الصلاة بالناس والقضاء ولا بأس بالرزق من بيت المال وكذا على الأذان).
أما حرمة الأجرة على القدر الواجب من تغسيل الأموات فهي من جزئيات مسألة حرمة أخذ الأجرة على الواجبات وادعي الاجماع في بعض الكلمات في الجملة. وليعلم أن محل الكلام ما لم يكن مانع من الصحة غير هذه الجهة فلو لم يعد إلى المستأجر نفع من العمل يكون خارجا عن محل الكلام وقد مثل باستيجار المكلف لمثل أداء الفريضة اليومية، ويمكن أن يقال المدار وجود غرض يكون محل توجه العقلاء، ومن الأغراض إطاعة المكلفين الأوامر الإلهية، وقد يذكر وجه عقلي لعدم الجواز في خصوص الواجب له العبادي العيني وهو عدم القدرة على الوفاء حيث إنه من جهة العبادية لا بد أن يكون العمل خالصا، ومع هذا لا مجال لكونه وفاء للإجارة. لأن الوفاء