الاتفاق الخبر المشهور بين الفريقين " نهى النبي صل الله على وآله وسلم عن بيع الغرر " (1) والنهي في المعاملات ظاهر في الارشاد إلى الفساد، وهذه الرواية بعد الشهرة وأخذ الأصحاب بها لا يضر إرسالها، وأما بحسب الدلالة فقد فسر الغرر بالخطر وبعض جعله من الغرة بمعنى غلفة وبعض جعله من التغرير بمعنى الخدعة والاغفال، وقد يرجع إلى معنى واحد بأن يكون نظر البعض إلى المبادي ونظر البعض الآخر إلى الغايات لكنه لا يخفى أن الخطر في ما لم يكن المثمن والثمن من الأشياء الخطيرة لا يصدق والمدعى التعميم من دون فرق بين الخطيرة وغيرها. بل في الأمور الخطيرة أيضا قد لا يكون خطر كما لو وقع المبادلة بين جنسين متساويين بحسب القيمة والرغبات، ومع احتمال أن يكون المعنى الخطر لا يتم الاستدلال به، نعم في خصوص الكيل والوزن وردت أخبار معتبرة منها الصحيح الحلبي " في رجل اشترى من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم، ثم إن صاحبه قال للمشتري: ابتع مني هذا العدل الآخر بغير كيل فإن فيه مثل ما في الآخر الذي ابتعته؟ قال: لا يصلح إلا بكيل، قال: وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة هذا مما يكره من بيع الطعام " (2) وفي رواية الفقيه " فلا يصح بيعه مجازفة " (3) وفي الصحيح عن ابن محبوب عن زرعة عن سماعة قال: " سألته عن شراء الطعام وما يكال ويوزن هل يصلح شراؤه بغير كيل ولا وزن فقال: " إما أن تأتي رجلا في طعام قد كيل أو وزن فيشتري منه مرابحة فلا بأس إن اشتريته منه ولم تكله ولم تزنه إذا أخذه المشتري الأول بكيل أو وزن، وقلت له عند البيع إني أربحك كذا وكذا " (4) ورواية أبان عن محمد بن حمران قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: اشترينا طعاما فزعم صاحبه، أنه كاله فصدقناه وأخذناه بكليه فقال: لا بأس، فقلت: أيجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال: أما أنت فلا تبعه حتى تكيله " (5) ولا مجال لاحتمال
(١٠١)