لا تبقى بعد تحقق العلة اختيار بالنسبة إلى المعلول، وأما في صورة بقاء الاختيار فلا نسلم، والعلية العرفية لا توجب سلب الاختيار، وعلى فرض التسليم فالحرمة من جهة التصرف كيف توجب حرمة العقد الموجبة للبطلان فلو باع الفضولي بالمعاطاة في ملك الغير المغضوب فهل يلتزم ببطلان المعاملة على القول بصحة بيع الفضولي من غير هذه الجهة، ثم إنه بعد الفراغ عن صحة بيع الفضولي يقع الكلام في أن الإجازة المصححة للبيع ناقلة أم كاشفة، وعلى تقدير الكشف هل الكشف حقيقي أو حكمي فالأكثر على الثاني واستدل عليه بأن العقد سبب تام في الملك لعموم قوله تعالى " أوفوا بالعقود " وتمامه في الفضولي إنما يعلم بالإجازة فإذا أجاز تبين كونه تاما فوجب ترتب الملكية عليه وإلا لزم أن لا يكون الوفاء بالعقد خاصة، بل به مع شئ آخر وبأن الإجازة متعلقة بالعقد وهي رضا بمضمونه وليس إلا نقل العوضين من حينه.
وأورد على الوجه الأول بما حاصله أن العقد مع الرضا سبب تام ومع تأخر الرضا لم يتحقق السبب إلا بعد تحققه فقبله كيف يحصل الأثر، ودعوى أن الشروط الشرعية ليست كالعقلية فقد يجعل الشارع ما يشبه تقديم المسبب على السبب كغسل الجمعة يوم الخميس وإعطاء الفطرة قبل وقته فضلا عن تقدم المشروط قبل الشرط كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصائمة، وكغسل العشائين لصوم اليوم الماضي على القول به، مدفوعة بعدم الفرق بين الشرعي وغير الشرعي بحكم العقل فجميع ما ورد مما يوهم ذلك لا بد فيه من التزام أن المتأخر ليس سببا أو شرطا، بل السبب والشرط الأمر المنتزع من ذلك، لكن ذلك لا يمكن في مقامنا بأن يقال:
إن الشرط تعقب الإجازة ولحوقها بالعقد وهذا أمر مقارن لأن لازمه حلية التصرف قبل ا لإجازة والرضا مع العلم بلحوقهما.
ويمكن أن يقال: ما دفع به الاشكال بالنسبة إلى الأمثلة المذكورة لا يدفع به الاشكال فإن التعقب وإن كان أمرا اعتباريا لكن له واقعية وليس مجرد الفرض ولا إشكال في أنه متوقفا على لحوق المتأخر، فالأولى أن يجاب بأن العمومات لا تفي بل لا بد من دليل آخر وأورد على الوجه الثاني بأن الإجازة وإن كانت رضا بمضمون