مدخلية خصوص الطعام في الحكم فمقتضى الأخبار المذكورة اعتبار الكيل والوزن في ما يكال ويوزن من دون لحاظ الغرر، ويمكن استفادة لزوم العد في المعدود من صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد؟ قال: لا بأس به " (1) حيث إنه يستفاد منها أن لزوم العد في صحة المعاملة مفروغ عنه، ومع عدم الاستطاعة هل يصح بالنحو المذكور وقد يقال إن ظهور الأخبار متبع في ما كان مقدار مالية الشئ غير محرز إلا بالكيل أو الوزن، وأما إذا حرز بالمشاهدة ونحوها فيصح بيعه بلا تقدير، ولذلك جرت السيرة على بيع مقدار من الدهن والحبتين والثلاثة من الحنطة وزبرة من الحديد لخروج هذه الأشياء عن أدلة اعتبار الوزن.
توضيح ذلك أن المخصص المنفصل إذا كان مجملا مفهوما يخصص العموم به بالقدر المتيقن منه ويتمسك بالعموم في المشتبه ففي المقام مقتضى العمومات عدم اعتبار الكيل والوزن والعد والذرع والمخصص لا إطلاق فيه. أما دليل العد فلأنه ناظر إلى جهة أخرى، وأما أدلة الكيل والوزن فأظهرها ذيل صحيحة الحلبي، وهو قوله عليه السلام " وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة ولا يشمل ما كان مناط مالية العدد وإن كان الوزن فيه ملحوظا، ويختص أيضا بما إذا كان عدم كيله مستلزما للجزافية، وعلى هذا يصح المعاملة بالدراهم والدنانير وإن لم يعلم المقدار من حيث الوزن بل بالعد يصح وكذا يصح بيع ما يكال أو يوزن بالكيل والوزن المعلومين عند أهل البلد المجهولين لدى الغريب الوارد في البلد، ويمكن أن يقال:
لا يبعد التمسك بصحيح ابن محبوب حيث إن ظاهره السؤال عن شراء الطعام وكل ما يكال ويوزن فالجواب الوارد في خصوص الطعام يكون من جهة أنه أحد الأفراد فعدم البأس مخصوص بصورة وقوع الكيل أو الوزن، غاية الأمر إخبار البائع طريق من غير فرق بين ما كان معرفة ماليته محرزة بنحو آخر وما لم يكن محرزة، وأما ما جرت عليه السيرة من المعاملة بالدراهم والدنانير فلعل وجه الصحة فيها أن الدراهم