بنت الحسين أخته زاداً أنفقت عليه ألف درهم، فلما كان بظهر الحرّة «1» سيرت ذلك اليه، فلم يزل يفرقه على المساكين» «2».
قال سعيد بن المسيب: «كان الناس لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي ابن الحسين فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل، فصلى ركعتين سبح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر الّا سبّحوا معه، ففزعت منه فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن رسول اللَّه، قال: هذا التسبيح الأعظم».
وقال: «كان القراء لا يحجّون حتى يحج زين العابدين وكان يتخذ لهم السويق، الحلو والحامض، ويمنع نفسه ورأيته يوماً وهو ساجد، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة يردون عليه مثل كلامه» «3».
قال الدميري: «ويروى أنه لما حج وأراد أن يلبّي أرعد واصفر وخر مغشياً عليه، فلما افاق سئل عن ذلك، فقال: اني لأخشى أن أقول: لبيك اللهم لبيك فيقول لي: لا لبيك ولا سعديك، فشجعوه، وقالوا: لا بدّ من التلبية، فلما لبّى غشي عليه حتى سقط عن راحلته، وكان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة، كان كثير الصدقات، وكان أكثر صدقته بالليل، وكان يقول: صدقة الليل تطفى ء غضب الرب، وكان كثير البكاء فقيل له في ذلك، فقال: ان يعقوب عليه السّلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف ولم يتحقق موته، فكيف لا أبكي وقد رأيت بضعة عشر رجلًا يذبحون من أهلي في غداة واحدة» «4».