قال أبو الصلت الهروي: «سأل المأمون الرضا عليه السّلام عن قول اللَّه عزّوجل:«وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» «١» فقال: ان اللَّه تبارك وتعالى خلق العرش والماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلم أنه على كل شي ءٍ قدير، ثمّ رفع العرش بقدرته ونقله فجعله فوق السماوات السبع، ثمّ خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهو مستول على عرشه وكان قادراً على أن يخلقها في طرفة عين، ولكنه عزّوجل خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شي ء فتستدلّ بحدوث ما يحدث على اللَّه تعالى مرّة بعد مرة، ولم يخلق العرش لحاجة به اليه، لأنه غني عن العرش وعن جميع ما خلق لا يوصف بالكون على العرش لأنه ليس بجسم تعالى اللَّه عن صفة خلقه علوّاً كبيراً.
وأما قوله: «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» فانه عزّوجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته، لا على سبيل الامتحان والتجربة، لأنه لم يزل عليماً بكل شي ءٍ.
فقال المأمون: فرّجت عني يا أبا الحسن، فرج اللَّه عنك.
ثم قال له: يا ابن رسول اللَّه، فما معنى قول اللَّه عزّوجل: «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ» «٢» «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللّهِ» «3».
فقال الرضا عليه السّلام: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن