محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: ان المسلمين قالوا لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: لو اكرهت يا رسول اللَّه من قدر عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا.
فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: ما كنت لألقى اللَّه عزّوجل ببدعة لم يحدث اليّ فيها شيئاً وما أنا من المتكلفين، فأنزل اللَّه تعالى عليه يا محمّد«وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً» «١» على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمن عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثواباً ولا مدحاً، ولكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا مني الزلفى والكرامة، ودوام الخلود في جنة الخلد، فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين.
وأما قوله عزّوجل: «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللّهِ» «٢» فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن الّا بإذن اللَّه واذنه أمره لها بالايمان بما كانت مكلفة متعبدة بها، والجاؤه اياها الى الايمان عند زوال التكليف والتعبد عنها.
فقال المأمون: فرجت عني فرج اللَّه عنك. فأخبرني عن قول اللَّه عزّوجل:
«الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً» «3».
فقال: ان غذاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يرى بالعين، ولكن اللَّه عزّوجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام بالعميان، لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فيه ولا يستطيعون له سمعاً