روى الشنقيطي باسناده عن أبي الطفيل: «كان علي يقول: سلوني سلوني وسلوني عن كتاب اللَّه تعالى، فواللَّه ما من آية الّا وأنا اعلم أنزلت بليل أو نهار ...
في سهل ام جبل ... ولو شئت أوقرت سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب» «١».
قال العاصمي: «رأيت في بعض الكتب: دخل قوم من اليهود على علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه وقالوا له: لو لا ثلاث آيات في كتابكم لآمنا برسولكم، فقال علي بن أبي طالب: وما تلك الآيات؟ قال: احداها:«مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ» «٢» كيف يكون طاعة المخلوق كطاعة الخالق، والثانية: قوله «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» «٣» فأي شأن ذلك؟ والثالثة قوله: «وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى» «٤» وهذا من صفة النائحة والمسخرة.
فقال علي كرم اللَّه وجهه: أما قوله: «مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ» فكأنه يقول ان لم تبلغ تماماً إلى طاعتي فلا تقصر في طاعة الرسول لكي أهب تقصيرك في طاعتي بحرمة طاعة الرسول، واما قوله: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» فمن شأنه ثلاثة اشياء: أولها ينقل قوماً من أصلاب الآباء إلى ارحام الامهات، وقوماً ينقلهم من أرحام الامهات إلى الدنيا، وقوماً يخرجهم من الدنيا إلى الآخرة، فهو ينقل هذه العساكر الثلاثة آناء الليل وآناء النهار، واما قوله: «أَضْحَكَ وَأَبْكَى» فمعناه أضحك الأرض بالأشجار والأشجار بالأنوار، وأبكى السماء بالامطار» «5».