وروى محمّد بن طلحة الشافعي باسناده عن ابن مسعود، قال: «خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فأتى منزل أم سلمة فجاء علي عليه السّلام فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: يا أم سلمة هذا واللَّه قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي» فالنبي ذكر في هذا الحديث فرقاً ثلاثاً صرّح بأن علياً عليه السّلام يقاتلهم بعده وهم الناكثون والقاسطون والمارقون.
وهذه الصفات التي ذكرها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قد سماهم بها مشيراً إلى ان وجود كل صفة منها في الفرق المختصة بها علة لقتالهم.
فالناكثون: هم الناقضون عهد بيعتهم الموجبة عليهم الطاعة والمتابعة لامامهم الذي بايعوه محقاً فإذا نقضوا ذلك، وصدفوا عن طاعة امامهم وخرجوا عن حكمه، واخذوا قتاله بغياً وعناداً كانوا ناكثين باغين فيتعين قتالهم كما اعتمده طائفة ممن شايع علياً عليه السّلام وتابعه ثم نقض عهده وخرج عليه وهم أصحاب واقعة الجمل فقاتلهم علي فهم الناكثون.
والقاسطون: وهم الجائرون عن سنن الحق، الجانحون الباطل، المعرضون عن اتباع الهدى الخارجون عن طاعة الإمام الواجبة طاعته، فإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعين قتالهم، كما اعتمده طائفة تجمعوا واتبعوا معاوية، وخرجوا لمقاتلة علي على حقه ومنعوه اياه فقاتلهم وقايع صفين وليلة الهرير فهؤلاء هم القاسطون.
إن قلت: معاوية كان من كتاب النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وكان خال المؤمنين، فكيف تحكم عليه وعلى من معه بكونهم- بقتال عليّ- بغاة في فعلهم، جائرين عن سنن الصواب بقصدهم، قاسطين بما ارتكبوه بغيهم والجين في زمرة الخارجين عن طاعة ربهم.
قلت: لم احكم عليهم بصفة البغي ولوازمها وضعاً واختراعاً، بل حكمت